×
محافظة المنطقة الشرقية

محمد عساف يفاجئ جمهوره ويعلن خطوبته لـ”لينا قيشاوي”

صورة الخبر

تراجع أسعار النفط والحروب الأهلية السادية، والزيادة السريعة في عدد اللاجئين وضعت الكثير من دول العالم في أزمة، ولكن الدول الاستبدادية تواجه المساءلة بشكل خاص. وهذا ليس من قبيل المصادفة، حيث غالبا ما وُصف الحكام المستبدون في الصين وروسيا ومصر والبلدان الأخرى بالجرأة والحسم والتحدي والتفوق بالحيلة أو التغلب على خصومهم داخل الدولة وخارجها، بالإضافة إلى تحقيق نمو اقتصادي سريع بينما تتعثر المزيد من الدول الديموقراطية. ولكن من الواضح الآن أن تلك الأيام قد ولت، حيث فضح مزيج من القوى الاقتصادية والسياسية نقاط الضعف الكامنة في الدول الاستبدادية وقادتهم. فانخفاض أسعار النفط لأدنى مستوياته والتباطؤ الاقتصادي الصيني هز الديمقراطيات والدول الاستبدادية على حد سواء. ولكن منذ الأزمة المالية عام 2008-2009، أثبتت الديمقراطيات مرارا وتكرارا قدرتها على التحمل والتكيف والرجوع لحالتها السابقة. حيث ساعدت وسائل الإعلام الحرة على تحديد نقاط الضعف الاقتصادية في وقت مبكر، وسمحت آلياتها الانتخابية للناخبين باستبدال القادة والسياسات الفاشلة، وضمنت محاكمها النزيهة القرارات القضائية العادلة للنزاعات حول الديون والأصول. والأهم من ذلك، أنها يمكن أن تستوعب مستويات هائلة من إحباط الشعب من خلال السماح بالمعارضة السلمية والتغيرات المنتظمة للحكومة. ويتعرض النظام في بعض الأحيان إلى الوصول لنقطة الانهيار، كما هو الحال في اليونان، ولكنه عادة ما يكون مرنا بما فيه الكفاية للتحمل. ويفتقر المستبدون، الذين يظهرون بطبيعة الحال بصورة جيدة في فترات الازدهار، إلى كل هذه المزايا التي يتمتع بها الديموقراطيون، عندما تحدث مثل هذه المشاكل. ويفهم الحكام والمستثمرون والمواطنون أن الانهيار الاقتصادي يمكن أيضا أن يجلب عدم الاستقرار السياسي، مما يؤدي إلى قرارات متسرعة التي تؤدي بدورها إلى تفاقم المشكلة. فعلى سبيل المثال، الحزب الشيوعي الصيني، الذي لم يتردد في الانخراط في الهندسة الاجتماعية على نطاق واسع لتسريع المشاريع الصناعية، يشعر بالرعب من انتشار البطالة، وغير راغب في مواجهة تداعيات الطاقات المفرطة في مجالات الصناعة ومؤسسات الدولة المتضخمة. وفي حين عانت الديمقراطيات الثرية من فشل البنوك وتعثر الرهن العقاري والاصلاحات المؤسسية وتدابير التقشف بعد عام 2009، حاولت الصين اصلاح اقتصادها باستدانة مبالغ طائلة من الأموال للإنفاق على البنية التحتية للبلد وساعدت على تضخيم فقاعة سوق الأسهم. ومنذ بدأ انهيار هذه الفقاعة في يونيو/حزيران، قام الحزب الشيوعي المذعور بأخطاء حطمت الثقة به، حيث اشترى أسهما وقيد المبيعات في محاولة غير مجدية لمكافحة الانخفاض، مما خفّض من قيمة عملته فجأة لتعزيز الصادرات، بالإضافة إلى تشديد الرقابة على تغطية وسائل الاعلام للوضع الاقتصادي، واعتقال المديرين التنفيذيين لشركات السمسرة، حتى وصل بهم الحال إلى استعراض "اعتراف" لصحفي مالي على التلفزيون الرسمي بأن تقاريره مستهترة. وفي الوقت نفسه، فإن انخفاض الطلب على السلع الأساسية، بالإضافة إلى الانخفاض الحاد بأسعار النفط، يهدد الأنظمة الأخرى التي تعتمد على النمو الاقتصادي من أجل البقاء السياسي، بما في ذلك حكومات روسيا وأذربيجان وكازاخستان وفنزويلا وأنغولا ودول الخليج وغيرها الكثير. كما يمكن للدول الدكتاتورية الصغيرة التي تعتمد على الإعانات وتحويلات العاملين من هذه البلدان، مثل طاجيكستان وكوبا وكوريا الشمالية، أن تكون أيضا في ورطة. وبطبيعة الحال، انخرطت الديمقراطيات في حصتها من المغامرات العسكرية، ولكن كما هو الحال مع السياسات الاقتصادية تستفيد تلك الدول من أنظمة صنع القرار المفتوحة والصارمة، وتكون لديها وسيلة لتغيير مسارها وقادتها، عندما تواجه الفشل. فبالمقابل يميل الدكتاتور إلى اتخاذ قرارات دون مشاورة أحد، وإذا اعترف بالهزيمة أو بخطئه، فيمكن أن يقتل ذلك نظامه. ومشاكل روسيا الاقتصادية تسببت بها جزئيا العقوبات المفروضة ردا على غزو الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لأوكرانيا. ورغم ذلك فقد واصل الكرملين في صب موارده في شبه جزيرة القرم ومنطقة دونباس بأوكرانيا، جنبا إلى جنب مع الاحتلال السابق في جورجيا، على سبيل المثال. ويرجع ذلك جزئيا لترجمة الكرملين تطور الديمقراطية في هذه البلدان بأنه خطر يهدد الحكم الاستبدادي في روسيا نفسها. كما أن روسيا الآن على ما يبدو تزيد من دعمها المادي لسوريا. أما دول الخليج فهي مشغولة بالعديد من النزاعات، أبرزها الحرب الأهلية في اليمن، ولكن أيضا بتقديم الدعم المالي لعبد الفتاح السيسي، في معركته الخرقاء ضد كلٍ من التشدد الإسلامي والمعارضة السلمية. ويزداد الشك في قدرة دول الخليج على الاستمرار بهذه الالتزامات رغم انخفاض أسعار الطاقة، الذي شجعوه من خلال تصعيد إنتاجهم. وفي حين اتُهم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بإشعال التمرد الكردي في بلاده من أجل تشويه سمعة المعارضين السياسيين الأكراد وحشد التأييد الوطني واستعادة قبضة حزبه على البرلمان في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني. لم تصبح تركيا دولة دكتاتورية بعد، ولكن الرغبة الواضحة للسماح للدولة بالاحتراق بدلا من التخلي عن السلطة السياسية هي علامة كلاسيكية للطغاة. ولا يُوجد مثال أفضل من ذلك أكثر مما يحدث في سوريا المجاورة. وفي الواقع، هذه هي إحدى الصفات التي تجعل الأنظمة الاستبدادية خطرة جدا، إنها تعتمد على ركيزتي التنمية الاقتصادية والقومية العدوانية، ولكن إذا تدهور الاقتصاد أو ثبت عدم كفايته كدعامة سياسية، فإنها تميل بشكل أكبر على العمود الثاني، والذي غالبا ما يدمر العمود الأول. ولكن في نهاية المطاف، ليس حتف جميع الأنظمة الاستبدادية الحرب والفقر، فالبعض في أعقاب المتاعب الاقتصادية أو الانتكاسات العسكرية، يستسلم للضغوط الشعبية للإصلاح ويخضع لعملية تحول ناجحة إلى الديمقراطية. وهناك علامات اليوم تدل على أن الناس على استعداد للعمل من أجل حكومة أفضل. ويحتج المتظاهرون في العراق ولبنان، متجاهلين التهديدات الأمنية الوخيمة، للمطالبة بتقديم الخدمات الأساسية مثل جمع القمامة وتوصيل الكهرباء، وكذلك لوضع حد للفساد والمحسوبية الطائفية. وقد يستفيد النظام الإيراني من الاتفاق النووي الأخير، ولكنه أيضا يتعرض لضغوط داخلية هائلة لتنفيذ وعودهم بزيادة الحريات الاجتماعية والشخصية. وفي أوضاع شبه ديمقراطية من غواتيمالا الى ماليزيا، يترنح القادة المنتخبين الفاسدين في مواجهة دعوات علنية للمساءلة، مما يدل على أن المد يتغير بعد ما يقرب من عقد من النكسات السنوية للديمقراطية العالمية. ولكن لا تضمن أي من هذه الأزمات والمواجهات تحقيق نتائج إيجابية، إنها فقط تقدم فرصا للتغيير، سواء للأفضل أو الأسوأ، والأمر متروك للديمقراطيات في العالم لتتعرف على وتنتهز هذه الفرص.