×
محافظة المنطقة الشرقية

«سايتك» يحتفل بعيد الأضحى واليوم الوطني

صورة الخبر

تتكثف، أحياناً، الحياة السياسية لبلد ما في مقاهيه الشعبية التي تتحول إلى مقاهٍ ثقافية أو منتديات حيوية مصغرة ينعشها كتَّاب ومثقفون ومسرحيون وفنانون لهم اهتمامات فكرية أو سياسية، واليوم وأنت تقرأ عن المقاهي الثقافية في بغداد وحيويتها اليومية القائمة حتى الآن، رغم الحروب المتداخلة والمركبة، ورغم الطائفيات والمذهبيات المسلحة تعجب أولاً لهذه الروح العراقية التي تحب الحياة وتحب اليوميات البغدادية الدافئة رغم خريطة الموت المفتوحة وطرقها العديدة. حيوية الروح العراقية تتمثل في حياة المقهى وتحوّله من مكان لقضاء أو القضاء على الوقت بشرب الشاي والقهوة وتدخين النرجيلة إلى مكان ثقافي بامتياز، وإذا قرأت هذه الحالة أو هذه الظاهرة من منظور علم الاجتماع أو علم النفس، فقد تخرج بفكرة حيوية أيضاً، هي أن العراقي تشبَّع تماماً ببيئة الحرب التي هي بيئة الموت، وبالتالي كانت ردة فعله أن يعيش بيئة الحياة بكل أكلافها المتوقعة أو الممكنة. يذهب المثقف العراقي إلى مقهاهٍ يومياً، وهو يعرف أن الطريق إلى مكانه الأليف هذا قد تكون ملغومة بسيارة مفخخة أو بإرهابي مزنر بحزام ناسف، ومع ذلك، ها هو هذا العراقي الذي يحب الحياة ذاهب إلى مكان الأصدقاء، حيث الشعر، والحكايات، والجدل، وحتى السخرية. الحروب المريرة بكل أشكالها الكارثية لها نقيضها دائماً، في الوعي الاجتماعي الذي يطبخ كارثية الحرب، ويحوّلها إلى مسرّات.. ولو مسرّات عابرة. هذه الحالة العراقية الاجتماعية الثقافية الحيوية لها مقابل في المجتمع اللبناني الذي يتوجه مثقفوه وكتّابه إلى مقاهي شارع الحمراء (.. أو كانوا يفعلون ذلك في سنوات الحرب) وبيروت تحت وفوق صفيح ساخن. أكثر من ذلك ما يميز الحالة اللبنانية أن الحرب لم توقف صناعة النشر والكتاب، ففي ذروة الحرب الأهلية في ثمانينات القرن الماضي، كانت المطابع البيروتية تشحن للعواصم العربية أجمل العناوين العربية أو المنقولة إلى العربية. ولعل الكثير من الكتّاب العرب يتذكر إلى اليوم سلسلة ذاكرة الشعوب التي انطلقت من بيروت في سنوات النار والرماد في لبنان ومن خلالها تعرف القارئ العربي إلى حزمة ذهبية من الروايات العالمية خصوصاً من إفريقيا واليابان. مقاهي الرصيف في بيروت أنجبت أيضاً ما يمكن تسميته صحافة الرصيف.. ونشير بذلك إلى مجلة الرصيف أو مطبوعة الرصيف التي كان يحررها الشاعر الفلسطيني علي فودة الذي كان يقيم في بيروت أثناء حصارها في 1982، وبالقرب من مقهى رصيفي تضرّج بدمه، وظلت سيرته إلى وقت طويل تستعاد من وقت إلى آخر في مقاهي بيروت. yosflooz@gmail.com