الحزام الناسف حزام يضعه صاحب العملية التي يريد بها أن ينهي حياته قبل أن ينهي حياة الآخرين.. وتعالوا بنا لنتكلم عن هذا الحزام الناسف في خلافاتنا الشخصية مع الشخص المقابل.. كم.. وكم نضع من الأحزمة الناسفة في حوارنا مع المخالف لنا في العقيدة.. أو في الفكر.. أو في المصالح.. وإذا لم يقتنع بقولنا أو يستجب لنا.. سحبنا عليه الحزام الناسف لنستبيح لحمه ودمه وماله وعرضه وشؤونه كلها.. دون مسوغ شرعي إلا «الغاية تبرر الوسيلة» ولو رجعنا لحقيقة الأمر لم نجدها إلا لأجل إثبات وجود أو حظوظ نفس وليس لأجل إثبات الغاية من خلق كل نفس «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون» وبالكلمة الطيبة أخي المخالف أو الموافق نصل إلى قلوب الناس. فعند الحوار بينك وبين من تختلف معه الذي قد يكون أخوك أو قريبك أو صديقك أو جارك أو زميلك في العمل الذين قد لا تصل معهم إلا إلى طريق مسدود لا تسحب عليهم الحزام الناسف فتهدم كل ما بنيته معهم من علاقة أخوية ومودة ومحبة. ويصل بك التأزم معهم إلى الحزام الناسف الذي تقتل به صورتك عندهم وتنسف كل المواقف الجميلة التي عشتها معهم. كنت يوماً مع أحد الزملاء، وكان قد قسا عليّ في رسالة بعثها لي، وفي بداية حديثي معه قلت له: ماذا يفعل الحبيب إذا قسا على حبيبه؟قال: يقتله «يعني حزام ناسف» قلت له: كلا، وإنما يناديه بأحب الأسماء إليه ويصارحه بما في نفسه من مفاهيم في جو يحيطه الود وحسن الظن المتبادل دون تشنجات عصبية وإنما أجواء أخوية.. وموضع المشكلة التي تكون مع المحاور هي: «قولي صواب لا يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ لا يحتمل الصواب» إن هذه العقلية التي تقول: من ليس معي فهو ضدي.. هذه عقلية مريضة نفسياً، ترى نفسها هي الأولى بالأولوية. -لماذا نلجأ إلى الحزام الناسف مع المخالف إذا كان يرى غير الذي نراه؟!-ومن -ولماذا الفجور في الخصومة لمن خالفنا الرأي؟! بدل من النقاش حول محور الخلاف وهي “الفكرة” وإثبات الدليل والبرهان والشواهد لها، ولا يلزم بعدها الموافقة أو المخالفة. «كل حجيج نفسه عند ربه» القصة الكاملة كلها هي أن هناك أشخاصاً في مجتمعاتنا «في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً» يستغلون الخلافات الطائفية والفكرية وحاجة الناس المعيشية فيبدأون بالرشوة والابتزاز والتهديد والتنكيل والكذب والتزوير لتأجيج العلاقات فيما بين المجتمع الواحد، والحي الواحد والأسرة الواحدة لنشر الفوضى، لتعم البلوى، ليبقى هم دون غيرهم يأمرون وينهون ولا يريدون إلا رأيهم الموجود وصوتهم المنشود واسمهم المحمود.. ولا يهم عندهم بعد ذلك خسارة أي إنسان ونشر أخطائه وعيوبه بالزور والبهتان.. ويكون هو المسيطر على قلوب البشر وعلى ألسنتهم بل حتى على تفكيرهم، ويريدهم دمى يحركهم كيف شاء، لتحقيق مصالحه، ونسي هذا الجاهل الأحمق أنه قد فجّر نفسه بالحزام الناسف فلم يعد له وزن وشأن.. وتناثرت أشلاؤه المتعفنة، فأصبح يعيبه القاصي والداني وظهرت حقيقته من الأساس ليعرفه الناس.. وأن حزامه الناسف ارتدّ عليه ونزف دمه الأسود الذي يعطي صورته قبل مكنون قلبه.