حاول القادة الأوروبيون التوافق على الاستراتيجية الواجب اتباعها بشأن سورية، وخصوصاً بعد التعزيزات العسكرية الروسية الأخيرة في هذا البلد، فيما بات إشراك الرئيس السوري بشار الأسد في الحوار احتمالاً مطروحاً بشكل متزايد. إذ دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى إشراك الأسد في أي مفاوضات تهدف إلى إنهاء النزاع في بلاده المستمر منذ أربع سنوات. وقالت ميركل أمس الأول الأربعاء للصحافيين على إثر قمة طارئة في بروكسل عقدها قادة الاتحاد الأوروبي للتباحث في أزمة اللاجئين «علينا أن نتحدث مع فرقاء كثيرين، وهذا يشمل الأسد وكذلك أيضاً أطرافاً آخرين». ويأتي موقف ألمانيا، أكبر قوة اقتصادية وسياسية في أوروبا، مع بداية تغير في مقاربة الغرب تجاه النظام السوري، وخصوصاً في ظل أسوأ أزمة هجرة تواجهها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية مع تدفق مئات آلاف الهاربين من الحرب إلى أراضيها. وقبل يومين على انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك حيث ستكون سورية من أبرز المواضيع على جدول الأعمال، أعلنت موسكو أمس (الخميس) تنظيم مناورات عسكرية بحرية مشتركة قريباً. وشددت وزارة الدفاع الروسية على أن الأمر يتعلق بمناورات «روتينية» إلا أنها تتزامن مع تعزيز الوجود العسكري المتزايد على الأرض في سورية. ويأتي هذا التعزيز في الحضور العسكري الروسي في موازاة حملة دبلوماسية للرئيس فلاديمير بوتين الذي يتوجه الأسبوع المقبل إلى نيويورك للمطالبة بتشكيل ائتلاف دولي كبير ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) يشمل النظام السوري الذي لم تتوقف موسكو عن دعمه منذ بدء الأزمة في العام 2011. وإزاء هذا التصعيد السياسي والعسكري، بات الغربيون المنقسمون والعاجزون إزاء المأساة في سورية تحت ضغوط كثيفة لمحاولة توحيد مواقفهم. وأعرب وزيرا الدفاع الفرنسي والبريطاني أمس عن «القلق» إزاء تعزيز الوجود العسكري الروسي أخيراً في سورية. وتساءل وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان «كيف نفسر ذلك؟ هل هو رغبة من روسيا في حماية مواقعها التاريخية حول هذا القسم من سورية؟ هل هو رغبة من روسيا في حماية بشار الأسد؟ هل لمحاربة داعش؟ هل هو تحرك عسكري من أجل المشاركة في المفاوضات المقبلة؟ هذا ما يتعين على روسيا أن توضحه». من جهته، أعرب نظيره البريطاني مايكل فالون عن «القلق لوصول تعزيزات روسية إلى سورية وخصوصاً مقاتلات جوية ستزيد من تعقيد الوضع الصعب جداً في الأساس». وشدد الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ أمس على ضرورة أن تلعب روسيا «دوراً بناء» وأن تتعاون مع واشنطن ضد متشددي «داعش». من جهته دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى تنظيم مؤتمر دولي جديد بشأن سورية من أجل إحلال السلام في هذا البلد مستبعداً مرة جديدة أي دور للأسد في مرحلة انتقالية. وبعد أن كان رحيل الأسد شرطاً مسبقاً لأي عملية انتقالية سياسية، باتت الإشارة إليه تتم بشكل مبهم. من جهتها، رحبت دمشق بهذا التطور وأعلنت المستشارة السياسية للأسد بثينة شعبان لوكالة الأنباء السورية أن «الوضع في سورية يتجه نحو مزيد من الانفراج»، مشيرة إلى «تراجع في المواقف الغربية». وتابعت أن هناك «توجهاً لدى الإدارة الأميركية الحالية لإيجاد حل للأزمة في سورية، وهناك تفاهماً ضمنياً بين الولايات المتحدة وروسيا من أجل التوصل إلى هذا الحل». ميدانياً، استخدم الجيش السوري للمرة الأولى أمس طائرات من دون طيار تسلمها من روسيا.