×
محافظة المنطقة الشرقية

عنكبوت عملاق يتسبب بتأجيل رحلة جوية

صورة الخبر

«لا مكان في الأرض لإنسان خذل وطنه» *غسان كنفاني الوطن هو الملاذ والحاضن للإنسان هو متكؤنا الحميم نريح عليه رؤوسنا بعد مسافات التعب والشقاء. الوطن حلم لا نرغب في الإفاقة منه هو المكان حين لا تتسع لنا الأمكنة. ولأنّ الوطن وطن فقد حظي بكبير اهتمام في السرديات العربية حيث يقف الوطن كحيز تدور فيه الأحداث وتجري فيه الشخوص ولا شك أن الرواية السعودية من تلك الأعمال التي احتفت بذاكرة الوطن؛ فالرواية السعودية على سبيل المثال أثبتت على مدار سنوات حضورها في المحافل الثقافية والدولية وقد شهدت تحولات كبرى على مستوى البنية الفنية والمضمون وبفعل تراكم الإنتاج رسمت ملامح خاصة لمسيرتها وصلت إلى ما يمكن وصفه ب(الرواية السعودية). وقد أدت الرواية دورا تنويريا في المشهد الثقافي وكرست الوعي الوطني. ومع تنامي الهموم القومية فإن بعض الروايات السعودية أخذت على نفسها الانكفاء على إطارها الجغرافي ومايحيط بها من واقع. ويأخذ حضور الوطن في الرواية السعودية أشكالا مختلفة؛ ليس أولها أن يتجلى الوطن في تفاعل الكاتب الروائي مع هموم الوطن فيعمد إلى تناول مواضيع متصلة بالمجتمع السعودي، كالمواضيع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وليس آخرها تلك الروايات التي تتشرب البيئة السعودية من خلال توظيفها واستلهامها للتراث الشعبي المحلي. فضلا عن الاحتفاء بالمكان كشكل من أشكال الاحتفاء بالوطن وقد أبدع روائيون كثر في رسم مدن وقرى سعودية من خلال رسم نمط الحياة فيها بشكل رؤيوي. عبقرية مكان وحميمية وطن تتميز المملكة بامتداد جغرافي تتقاطع فيه عبقرية المكان بعمق التاريخ؛ وشكل ذلك رافدا ثريا للروائيين وعنصرا فاعلا يوجه البنية الحكائية لتحقيق غاياتها. وتنبع أهمية المكان في الرواية السعودية بكونها مساقا تقدر فيه الشخصيات دائما على حمل الرموز الدلالية التي تساعد المؤلف على استثمار تقنية الإضمار في الفعل الروائي. وتمثل مكة المكرمة والمدينة المنورة مصدر إلهام لكثير من الروائيين كونهما منبر إشعاع ديني لكافة الأزمنة لدى كثير من المسلمين وكونهما ملتقًى اجتماعيا واقتصاديا ودينيا أكسب المنطقة أبعادا روحية تم توظيفها سرديا لتصبح محضنا ينهض عليه بناء الرواية ويضمن تماسكها الفني. وتشكل الروائية السعودية رجاء عالم تجربة روائية متميزة حينما استلهمت البيئة المكية ساردةً ذاكرة المكان وواصفة له حيث نجد الزيما والحسينية والعابدية ووادي فاطمة وجعرانة والمغمس ونعمان والعكيشية. ونعثر في رواية «ميمونة» لمحمود تراوري أيضاعلى المكان، حيث حضرت مدن سعودية ودول خارج المملكة أدت دورا ثريا في الرواية. وهناك روايات مثل «تباوا»، والحدود» للروائي د. نايف الجهني، ورواية «الدود» لعلوان السهيمي، ورواية «لا أحد في تبوك» لمطلق البلوي، ورواية «رقصة أم الغيث» لعبدالرحمن العكيمي رواية «أنثى العنكبوت» لقماشة العليان كلها تناولت هوية منطقة تبوك التاريخية واستحضرت التاريخ واشتغلت على موروث ثري ترك أثره في هذه الروايات. أما ليلى الجهني فاتخذت من أنسنة المكان تقنيةً فنية في التحاور مع مدينة جدة حيث تحولت جدة إلى شخصية تحادثها وتهمس لها وتلومها أحيانا . كما سعت الروائية إلى استنطاق المدينة للبوح ببعض أسرارها. وفي المقابل بحث الروائي عبدالله التعزي في «الحفائر تتنفس» عن الحفائر بوصفها مكاناً تاريخيا تحتضنه مكة. أما مدينة الرياض فكونها العاصمة وملتقى أطياف اجتماعية متنوعة ومختلفة المشارب فقد حضرت في كثير من الروايات ووجد الروائيون فيها فضاء مغريا يستجيب لمراوغات الفعل الروائي من ذلك رواية «بنات الرياض» لرجاء الصانع، ورواية « الرياض –نوفمبر90» للروائي سعد الدوسري وغيرها الكثير. وفي الصحراء متسعٌ من وطن تتسم الروايات السعودية في مجملها بالانجذاب لعالم القرية والصحراء ويبدو في ذلك ميلا فطريا وحنينا إلى الوطن في شكله التقليدي، كما يعكس موقفا مناهضا للعولمة التي سلبت ملامح الوطن، فتجد الروائي السعودي يحرس الصحراء التي حرسته من شوائب المدينة، وتستحيل الصحراء في الروايات السعودية إلى مكان يضج بالدفء والحنين. لهذا نجد الروائية أمل الفاران في روايتها «كائنات من رطب» رسمت الصحراء وحياة البادية من خلال شخصية «لللا» التي تقدم بيئتها المحلية وهي الريف المتاخم لرمال الربع الخالي، حيث وضعت الكاتبة في روايتها الصحراء بوصفها رمزا، ولغةً تمتح من رمالها أبجديات الرحابة. من جانب آخر يشير الروائي عواض شاهر العصيمي في روايته «أو على مرمى صحراء في الخلف» إلى الصحراء وتلك التبدلات المصاحبة للانتقال من حياة الصحراء، ويغوص عميقاً في فضاء الصحراء. أما الروائي يحيى امقاسم فقد شيَّد في روايته «ساق الغراب» عالمه الفانتازي في قرية «عصيرة» – جنوب غربي السعودية- في تتبع أنثروبولجي لعادات القرية وتقاليدها وتاريخ أمجادها القديمة مضيئا علاقة الإنسان الأزلية بالأرض. وبعد كل ذلك يخرج الوطن من رحم الإبداع أكثر من مكان وأصدق من رؤيا.