عندما يشعر الشخص أنه واقع في مشكلة عويصة ولا يمتلك الأدوات اللازمة لحلها، يلجأ إلى إلقاء اللوم على الآخرين، وتعليق كل شماعة أخطاءه على غيره، لأنه بكل بساطة غير قادر على تحمل مسؤولية أخطاءه، أو أن لديه إنكار لهذه الأخطاء فيرى أن غيره هو المتسبب بها.. هذا ما يمكن تلخيصه من خلال تصريحات جهاز المرور التي ألقت باللوم على النساء في الحوادث المرورية، لأنها لا تريد أن تقول بأن النساء يركبن السيارة وقد علّقنّ أرواحهن بين يدي شخص قد لا يعرف أساسيات القيادة -أحيانًا- ولأنها مضطرة أن تدفع روحها فداءً للمقعد الخلفي فلا يهم، ولا يهم إدارة المرور -أيضًا- أن تُصدر رخص سير مركبة لكل من هب ودب، لكنها لا ترغب بالحديث عن هذه الإشكالية لأن وراء الحديث ما وراءه! ولا تريد إدارة المرور أن تفضح تقصيرها في الأنظمة المرورية ومتابعة تطبيقها، حتى إننا بالكاد نرى شرطي مرور لتنظيم ومتابعة الشارع وإن حدث فلا يتجاوز مرة أو مرتين خلال العام الواحد، عدا الشرطي صاحب الدفتر الذي عليه أن لا يعود إلا ودفتره خالص مخلّص. ولأن إدارة المرور ليس لديها ما يكفي من الموظفين لتغطية المساحات الشاسعة للمدن، وهي كذلك لا تريد وجع رأس فتلقي باللوم على المرأة هذا الحائط القصير الذي سيتلقى كافة الاتهامات دون أن ينبس ببنت شفة! إدارة المرور لا تريد أن تعترف بتقصيرها في عدم متابعة الأطفال السائقين، وكثيرًا ما نرى أطفالاً لا يستطيعون الوصول إلى دريكسيون القيادة، ولأن المرور لا يريد أن يُتعب نفسه فيلقي باللوم على المرأة المسكينة التي لا تدري تأخذها من مَنّ، فالكل يتلقفها ويقذف بها في وجه كل السلبيات الحاصلة في المجتمع، مع هذا كلّه، المهم أن تبقى في مقعد السيارة الخلفي! إدارة المرور لا تريد أن تعترف بأننا البلد الوحيد في العالم الذي تقع داخل مدنه حوادث قاتلة كل يوم، وهي تعلم جيدًا أن عدد موتانا من الحوادث ينافس عدد ضحايا حروب هتلر، لكنها لا تريد أن تُعلن هذا خوفًا من أن تقوم بعمل أنظمة وقائية ومتابعة صارمة تحد على الأقل من الموت لا من الحوادث، لذا الأسهل أن يُلقى باللوم على شماعة المرأة القابعة في المقعد الخلفي، المهم أن تبقى في هذا المقعد! ولأن إدارة المرور وجدت أن أسهل الأمور وأبسطها هو تعليق كل المصائب المرورية على شماعة المرأة، كونها لا تقود السيارة، وكون المرور لن يكون في مواجهة مع تطبيق أنظمة ومتابعتها فوجدوا أن هذا الحائط «القصير» هو أبسط الطرق وأسهلها، في ظل عدم القدرة على الاعتراف بالأخطاء بهدف الوصول إلى حلول للمعالجة، ولأن الأشخاص من هذه النوعية يشعرون بالخوف من ضعف مواقفهم، لذا فإن لوم وتأنيب المرأة «الضحيّة» أسهل الطرق للتحرر من مسؤولية القوانين وتطبيقها ومتابعتها، ويكفينا معرفة إخفاقات المرور بأدوات سهلة وبسيطة أقلها الإشارات المرورية وعدم القدرة على ضبط أوقاتها تبعًا لمقاييس الشارع وحاجاته، عندها نستطيع التقييم! مقالات أخرى للكاتب أنسنة العقل! ثقة! مغامرة (30) محامياً! أسلوب القبض مع «الرقبة»..! وصفة «وزير» لكسب الجماهير!