لم يتوصل عدد من الأقطاب السياسيين اللبنانيين المشاركين في الحوار الى اتفاق على ترقية ثلاثة ضباط في الجيش اللبناني من رتبة عميد الى رتبة لواء من بينهم قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز، ما من شأنه أن يفتح ثغرة تعيد الروح الى جلسات مجلس الوزراء العالقة منذ أكثر من شهر، مع أن اجتماعهم جاء فور انفضاض الجلسة الحوارية الثالثة برئاسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري التي غابت عنها قضية ترقية هؤلاء الضباط وحضرت تلميحاً وبصورة غير مباشرة، على لسان رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط بقوله إن لا مانع لديه من طرح كل المواضيع على الطاولة «لأن المشكلة ليست دستورية وإنما سياسية، ولا أظن أن هناك إمكاناً لانتخاب رئيس جديد للجمهورية». (للمزيد) وألمح الرئيس بري أيضاً الى أن الاتصالات جارية بسرعة لإيجاد حل لمعاودة جلسات مجلس الوزراء وذلك رداً على مداخلة لرئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل دعا فيها الى عقد جلسة لمجلس الوزراء تسبق استئناف الحوار أيام الثلثاء والأربعاء والخميس في 6 و7 و8 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل «وإلا سنضطر الى تعليق حضورنا في مجلس الوزراء». وهكذا انعقد لقاء الأقطاب في حضور بري ورئيس الحكومة تمام سلام، ورئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة ورئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» («حزب الله») محمد رعد، إضافة الى جنبلاط، واستمر حوالى الساعتين من دون أن يخرج من قاعة الاجتماع الدخان الأبيض الذي يتيح للمتحاورين تسجيل نقطة إيجابية تتعلق بإعادة تفعيل الحكومة من خلال جلسات مجلس الوزراء، وتكون بمثابة رد على الذين يرون أن لا جدوى من الحوار لأنه سيغرق في مراوحة كما في الجلسات السابقة التي بقيت قراراتها حبراً على ورق من دون تنفيذ. وعلى رغم أن الذين شاركوا في هذا اللقاء رفضوا الإفصاح عن طبيعة المداولات التي سادته، خصوصاً ترقية الضباط، فإن عون لفت بعد ترؤسه الاجتماع الأسبوعي لـ «تكتل التغيير»، الى أن ملف التعيينات بحث في الاجتماع الذي تلا الحوار ولا يزال غير ناضج وكذلك بالنسبة الى إعادة العمل في مجلس الوزراء، فيما تردد أن السنيورة تحفظ عن الترقيات رابطاً اياها باتفاق واضح على آلية العمل الحكومي في مجلس الوزراء منعاً لتعطيل مصالح الناس. وفي هذا السياق انتقد الرئيس ميشال سليمان «الترقية من دون معيار» لأنها تخل بمبدأ تكافؤ الفرص وتحرم عمداء من فرصة اختيارهم لقيادة الجيش ورئاسة الأركان والأمانة العامة للمجلس الأعلى للدفاع. وقال في تغريدة: «حلوا عن ضهر المؤسسة العسكرية، اتركوا ضباطها يضحون ويستشهدون. هم لم يطلبوا منكم أي شيء فلا تفرقوا صفوفهم». وعلمت «الحياة» أن موقف سليمان هذا يعبر عن موقف «اللقاء التشاوري» من ترقية الضباط الذي أجمع الوزراء الأعضاء فيه على رفضهم التلاعب بالهيكلية التنظيمية للمؤسسة العسكرية في ظل الظروف الصعبة التي يمر فيها البلد، علماً أن هذا اللقاء الذي يرأسه سليمان يضم ثمانية وزراء أي ثلث أعضاء الحكومة، ومن بينهم نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الوطني سمير مقبل الذي تعود إليه صلاحية إدراج بند الترقيات على جدول أعمال مجلس الوزراء أو أن يترك لرئيس الحكومة طرحه من خارجه. لذلك، فإن عدم توصل بعض أقطاب الحوار الى تسوية حول ترقية الضباط سيطرح سؤالاً حول ما إذا كان سلام سيبادر الى دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد يوم الجمعة في 2 تشرين الأول، أي بعد عودته من نيويورك في حال لم يتوصل هؤلاء الأقطاب لاحقاً الى مخرج لترقية الضباط بعد تذليل الاعتراضات، وتحديداً من داخل الحوار وأيضاً لدى وزراء اللقاء التشاوري. وبالعودة الى الحوار، قالت مصادر مقربة من بعض المشاركين فيه إنه تشعب هذه المرة، من بند انتخاب الرئيس الذي حضر في المداخلات الى قانوني الانتخاب واستعادة الجنسية من دون حصول أي اختراق ولو طفيف يمكن التعويل عليه كأساس للدخول في صلب انتخاب الرئيس العتيد مع أن معظم الأطراف أدلوا بدلائهم حول مواصفاته من دون أن يكشفوا عن أسماء مرشحيهم ما عدا «حزب الله» الذي تناغم من خلال رعد مع موقف عون في مطالبته بمناقشة قانون الانتخاب تمهيداً لانتخاب برلمان جديد يتولى انتخاب الرئيس. ونقلت المصادر عن رعد قوله: «لنضع قانون انتخاب جديد تجرى على أساسه الانتخابات النيابية لاختيار برلمان جديد ينتخب الرئيس وإلا أخشى أن ننتظر طويلاً وربما لسنوات من دون رئيس». وكشفت عن أن عون أعاد طرح قانون الانتخاب الأرثوذكسي (كل طائفة تنتخب نوابها) أو تقسيم لبنان الى 15 دائرة انتخابية تجرى فيها الانتخابات على أساس النظام النسبي، بذريعة أن المسيحين في اجتماعهم في بكركي برئاسة البطريرك الماروني بشارة الراعي اتفقوا عليهما، وهذا ما استدعى تدخل نائب رئيس البرلمان فريد مكاري ووزير الاتصالات بطرس حرب، اللذين ردا عليه بأن من اجتمعوا في بكركي لا يمثلون كل المسيحيين «ونحن لدينا رأي آخر». وقالت هذه المصادر إن زعيم تيار «المردة» سليمان فرنجية كرر موقفه رفض تعديل الدستور ومعارضته المجيء برئيس وسطي وتأييده رئيساً من 14 آذار يحظى بموافقة مسيحيي 8 آذار أو العكس. وأكدت أن بري قال لفرنجية: «حكينا بتعديل الدستور واتفقنا عليها».