يقدَّم عمل مقتبس من إحدى مغامرات «تان تان» للمرة الأولى، ضمن عمل أوبرالي في الهواء الطلق في بروكسيل، مهد هذه الشخصية المحبّبة في عالم القصص المصوّرة، بعد أعمال سابقة ظهر فيها «تان تان» في السينما والمسرح. العمل الأوبرالي الجديد مستوحى من القصة المعروفة «مجوهرات بيانكا كاستافيور» للفنان إيرجيه، مخترع شخصية «تان تان»، والتي صدرت عام 1963. وفي هذه القصة، يبدأ «تان تان» والثنائي الكوميدي دوبون ودوبون عملية بحث عن لصّ إثر اختفاء مجوهرات مغنية الأوبرا بيانكا كاستافيور، بينها حجر زمرد ثمين، ما يقودهم الى كثير من الفرضيات الخاطئة قبل التعرف الى المذنب الحقيقي. ويقول مخرج العمل فرنسوا كاربانترييس: «لطالما رأيت أن هذه القصة هي الأكثر موسيقية من بين قصص إيرجيه»، مشيراً الى أنه يحقق «أحد أحلام الطفولة». وانطلقت عروض هذا العمل الأوبرالي الخميس الماضي، على أن تستمر حتى 26 الجاري في الهواء الطلق في قصر لا هولب في جنوب العاصمة البلجيكية بروكسيل. هذا الصرح العائد الى القرن التاسع عشر وتحيط به أربعة أبراج ذات أسقف مدبّبة، يذكّر بلا شك بقصر مولينسار الوهمي الوارد ضمن مغامرات «تان تان». ويتوقع إحياء عروض لاحقة لهذا العمل الأوبرالي في مناطق عدة، خصوصاً في فرنسا. ويرى مخرج العمل أن «إيرجيه عبقري وصاحب رؤية استشرافية عظيمة»، مذكراً بأن بعض المواضيع الوارد ذكرها في القصة المصوّرة لا يزال يصلح لزمننا الحاضر، من بينها صعوبة التواصل بين الشخصيات على رغم الانتشار الكبير للهواتف وغيرها من وسائل التواصل «الحديثة» بينها التلفزيون، أو أيضاً استقبال الغجر الذين يرغمون على العيش في مخيمات. ويؤدي دور «تان تان» الفتى أماني بيتشي البالغ 13 سنة. وبسبب تبدل الأذواق عبر الأجيال، لم يسبق لهذا المراهق المعجب بالمغنية الكندية سيلين ديون، أن قرأ يوماً قصة مصوّرة لإيرجيه قبل اختياره لأداء هذا الدور، لكنه كان يعرف «تان تان» من خلال رسوم متحركة عرضتها قنوات التلفزيون عن مغامرات هذا المراسل الصحافي الشاب. ويشير الى أنه تلقى خلال التمارين التي أجراها هذا الصيف، «الكثير من النصائح لتعلّم غدارة الضغط النفسي» أمام 1800 متفرج، مبدياً سعادته للتمكّن من أداء دور شخصية استحالت «رمزاً» و«الأسطورة». لكن النجم الرئيس في هذا العمل ليس «تان تان»، بل مغنية الأوبرا بيانكا كاستافيور بشخصيتها «الطاغية والاستعراضية»، وفق السوبرانو إيلين برناردي. وتروي القصة أن بيانكا كاستافيور مغنية الأوبرا في مسرح سكالا الشهير في ميلانو، جاءت الى قصر مولينسار هرباً من الصحافة الفضائحية، ما يعكّر مزاج مضيفها القبطان هادوك الذي يطبع العمل بسيل السباب الذي يكيله. وتؤكد إيلين برناردي أن أداءها دور بيانكا كاستافيور «بمثابة علاج حقيقي»، إذ يتعين على من يجسد هذه الشخصية «رمي كل عقده»، خصوصاً بسبب «الطابع المتطرف في ردات فعلها وحركاتها» و«سعيها الدائم الى البروز». وتلفت السوبرانو البلجيكية الى أن الخطر في أداء هذا الدور يكمن في إمكان تحويل بيانكا كاستافيور الى «شخصية كاريكاتورية». وتقول أن كاستافيور «تؤدي أدواراً غنائية ضخمة في مسارح بينها متروبوليتان في نيويورك وسكالا... لذا يجب الالتزام بدور المغنية المحترفة وإضافة بعض المرح والطابع الشبيه بعالم القصص المصوّرة مع الالتزام بروحية العمل الأصلي». هذا العمل الأوبرالي من إنتاج جمعية «أوبرا بور توس» (الأوبرا للجميع) البلجيكية، التي تسعى منذ عشرين عاماً الى جذب جمهور عريض لمشاهدة أهم الأعمال الكلاسيكية في المسرح الغنائي.