تشير التقديرات إلى أن آلاف الأطباء والمهندسين السوريين لجؤوا إلى ألمانيا منذ بداية الأزمة السورية، وهو ما يعتبر نزيفا هائلا للثروة الوطنية تعتزم برليناغتنامه بحسب تصريحات كبار مسؤوليها. وتقدر تكلفة إعداد الطبيب السوري لمدة سبع سنوات بنحو مليون دولار، تتضمن تكاليف الدراسة الجامعية والبنية التحتية التعليمية والتدريبية التي تسبق حصوله على شهادة ممارسة المهنة. أما المهندس فتتراوح تكلفة إعداده بين 350 و500 ألف دولار. وبحسب بعض التقديرات، يشكل الأطباء والمهندسون نسبة تزيد على 15% من مجمل اللاجئين السوريين. أما حملة الشهادة الثانوية فيشكلون 35% منهم. مكاسب ألمانيا وقد لجأ إلى ألمانيا خلال الأزمة السورية المستمرة منذ أربع سنوات نحو خمسة آلاف طبيب سوري، وما يقارب هذا العدد من المهندسين. ويعني ذلك أن نحو ثمانية مليارات دولار أنفقتها سوريا على تأهيل هؤلاء قد انتقلت إلى ألمانيا، وهو رقم يزيد على النفقات التي رصدتها الحكومة الألمانية لاستيعاب اللاجئين السوريين وغير السوريين والذي يبلغ ستة مليارات دولار. وإذا أخذ بعين الاعتبار أن القسم الأكبر من هؤلاء دخل بالفعل سوق العمل والقسم المتبقي يعد نفسه لذلك، فإن بضعة مليارات أخرى سترفد الناتج المحلي الإجمالي الألماني بمزيد من الازدهار خلال السنوات القليلة القادمة. ألمانيا استعانت بالمهاجرين على مدى ستين عاما لبناء نهضتها الاقتصادية (دويتشه فيله) "أسطورة الطبيب السوري" وفي هذا السياق يتحدث عدد من الخبراء الألمان عما يسميها بعضهم "أسطورة الطبيب السوري" الذي يتمتع بسمعة ممتازة في ألمانيا بسبب مستوى تأهيله الذي يعادل نظراءه في أوروبا، وهو الأمر الذي يساعده على الاندماج في سوق العمل الألماني والأوروبي بسهولة. ولم يخف المسؤولون الألمان احتفاءهم بهذا النوع من اللجوء، فقد صرح رئيس البنك المركزي الألماني ينس فايدمان لوكالة الأنباء الألمانية أنه يدعم هذا الاتجاه "لأن ألمانيا تواجه تحديات ديمغرافية خطيرة تتمثل في تزايد شيخوخة المجتمع وقلة الولادات وزيادة التنافسية مع الاقتصادات الصاعدة". وتقدر هيئات واتحادات أرباب العمل في ألمانيا أن الاقتصاد الألماني يحتاج في الوقت الحاضر إلى نحو مئة ألف من الكفاءات الأجنبية، وهنا تبرز الحاجة إلى الكفاءات الهندسية في مختلف المجالات وفي مقدمتها تقنية المعلومات. وفي هذا السياق جاء في دراسة بتكليف من مؤسسة "بيرتلسمان" الألمانية أن ألمانيا تحتاج سنويا إلى أكثر من نصف مليون مهاجر خلال العقود القادمة من أجل الحفاظ على إمداد سوق العمل ونظم الضمان الاجتماعي بالقوة العاملة اللازمة لاستقرار هذه النظم حتى العام 2050.