روى بعض من رافق المشايخ وطلبة العلم قديماً، أنهم يتيحون لرفاق الرحلة التمتع بالشعر وبعض القصائد النظيفة والخالية من الوجهة الدينية من الصيَغ الرخيصة المبتذلة. وقالوا عن الشيخ عبدالرحمن الناصر السعدي رحمه الله أنه كان يري في ذلك سلوى وعونا على التغلب على مشاق السفر وطوله. لاحظنا أنه عندما يحج شاعر من المتقدمين لا تخلو رحلته من شعر، وكله غير بذيء ولا فيه سفاهة ولا دناءة. وهو - أي الشاعر - يلتزم بروحية الوقت والمناسبة. لكنه يظمأ الى الغزل. ولاحظنا أن هذا الطبع قلّ كثيراً عند شعراء العصر الحديث، أو أنه انعدم. هذا الشاعر لا يزيد عن وصف رحلته: ولمّا قضينا من منى كل حاجة ومسح بالاركان من هو ماسحُ وشدّت على حدب المطايا رحالنا ولم ينظر الغادي الذي هو رائحُ غير ان آخر داعبهُ خيال الغزل فلم يستطع المقاومة فقال: ربَ خودٍ عرفتُ في عرفاتِ سلبتني بحسنها حسناتي ورمت بالجمارِ جمرةَ قلبي أيُ قلبٍ يقوى على الجمراتِ حرمت حين أحرمت نومَ عيني واستباحتِ جمايَ باللحظاتِ وأفاضت مع الحجيجِ، ففاضت من دموعي سوابقُ العبراتِ لم أنل من منى النفسِ، حتى خفتُ بالخيفِ أن تكونَ وفاتي وجاء في الشعر الشعبي من قال: ياحمامه غريبه عند باب السلام شْفتْ رسم الهوى بَطراف جنحانها وقال آخر يشكو حاله، وهذا في رأيي "زوّدها شوي": أسباب مابي غزالٍ بالحرم محرم شفت القمر في جبينه حين وافاني أشّرت انا له مْسلّم واغتشى بالكمْ لين اختفى من يخافه.. ثم حيّاني لمراسلة الكاتب: aalthekair@alriyadh.net