من الآن وإلى أن نفهم سلوك الاقتصاد العالمي، ليس لنا سوى أن ندون الملاحظات والأسئلة. خلال شهر واحد تدهورت بورصات العالم: في المرة الأولى بسبب عدم الاستقرار في دولة مفلسة تدعى اليونان. في المرة الثانية بسبب خفض العملة في الدولة ذات ثاني اقتصاد بين جميع الأمم، واسمها الصين. إذا كنت تملك مصنعًا في ألمانيا أو متجرًا في نيويورك، ابدأ في إحصاء الخسائر. قد تسأل، وما علاقتي في الأمر وهل أملك شركة تصدير في إسطنبول؟ لا تسألني. كل ما أعرفه أن هذه «دورة الاقتصاد العالمي» الذي أصبح مثل سيارة كونية: يتعطل المحرك أو العجلات أو السرعة الخلفية، أو تغشى غمامة من الرطوبة الزجاج الأمامي، فيتعطل كل شيء. وإذا أحسنت سلوكها، يتحسن معدل التصدير في بنغلاديش والبيرو. قبل أربعين عامًا لم تكن الصين شيئًا. بلد من مليار إنسان يرتدون بذلة واحدة (نساءً ورجالاً) ويعيشون على الأرز ويقرأون صحيفة «الشعب» التي لا تنشر سوى المادة التي تُرسل إليها من «وكالة أنباء الصين الجديدة». هل تصدق ماذا حدث عندما خفِّض «اليوان» قبل أسابيع وشعر العالم أن الركود يدق أبواب الصين؟ جميع شركات السيارات الفاخرة: مرسيدس، بي إم دبليو، أودي، رينج روفر. جميع مصانع الأجبان الفرنسية. جميع مداخن السلمون النرويجي. جميع مسالخ الغنم النيوزيلندي. جميع دور الأزياء الفرنسية.. جميع هذا الجمع سوف يتأثر مباشرة بالركود الصيني. جميع هذه المصانع خفضت سرعة إنتاجها. لقد نسي العالم قاعدة قروية بسيطة وعبقرية في سذاجتها: «كل طلعة قبالتها نزلة». كل طفرة نهايتها قفرة. الذين طلعوا بنظرية أن السعودية خفضت سعر النفط لضرب الاقتصاد الروسي، علّهم يراقبون اليوم سوق الأسهم السعودية وبقية أسواق الخليج. وبقية شركات العالم. لقد أصبح هذا العالم واحدًا مع تفاوت النسب: يعطي الأغنياء كثيرًا ويأخذ منهم كثيرًا، ويعطي الفقراء قليلاً ويأخذ منهم كثيرًا. لكن لا مفر. وفي المصطلحات الكثيرة، يسمى هذا أحيانًا الركود، وأحيانًا الانكماش، وأحيانًا التضخم. ودائمًا الأزمة. وإذا اشتدت، لا يعود أحد يقوى على لفظ اسمها. الغارق بين العاصفة والإعصار.