×
محافظة المدينة المنورة

عام / خطبتا الجمعة في المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة ثانية واخيرة

صورة الخبر

في خطوة نوعية تعكس حرص القائمين على تنظيم البيئة المالية الوطنية وتتماشى مع التوجهات العالمية في زيادة استخدام القنوات الإلكترونية كبديل آمن عن التعامل بالأوراق النقدية التقليدية في التعاملات اليومية، دشن مسؤولو مؤسسة النقد في الأيام القليلة الماضية نظام المدفوعات بهويته الجديدة "مدى"، باستخدام أحدث التقنيات العالمية من أجل فتح المجال أمام استخدام خدمة الدفع الإلكتروني لدى شريحة جديدة من منافذ البيع بمعايير تشغيلية عالية وسريعة وآمنة. كما تهدف هذه المبادرة الرقابية كذلك في جانب آخر منها إلى احتواء المخاطر ومحاصرة المنافذ المحفزة على تمرير الأموال المشبوهة عبر استغلال أي أنشطة تجارية تعتمد فقط على استخدام النقد لتسوية مدفوعات صفقاتها، حيث لازال يتمتع كثير من المتعاملين في بعض الأنشطة التجارية كمزادات الإبل والأغنام والطيور ومهرجانات التمور والخضار والفواكه وما شابههما، بحرية تامة في تدوير مبالغ نقدية كبيرة يتجاوز حجمها أحيانا المعدل الطبيعي لمستوى الأسعار العادية، وهذا حقيقة يعد مؤشرا على انه ربما تم "إحلال" أموال مشبوهة من قبل المتعاملين أنفسهم في تلك الأنشطة أو الغير، بقصد تمريرها تحت غطاء القيام ببعض الصفقات المعقدة والمركبة بمبالغ نقدية غير عادية، والتي بالطبع ليس لها غرض تجاري مشروع وواضح سوى تضليل الجهات المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. حيث يلجأ غاسلو الأموال في صورته العينية عادة الى استغلال مثل هذا النوع من الأنشطة التجارية التي يتم فيها استخدام النقد كخيار مالي وحيد لتسوية مدفوعات صفقاتها باعتباره يشكل منفذا وملاذاً آمناً لهم لتمرير الأموال المتحصل عليها بسبب الجريمة، للقيام بصفقات هدفها تمويه أو إخفاء المصدر غير المشروع لهذه الأموال بالنسبة لغسل الأموال، أو وهو الأسوأ تسخيرها لخدمة أهداف ودعم المنظمات والأعمال الإرهابية بعد تمويه أو إخفاء الغرض من هذه الأموال بالنسبة لتمويل الإرهاب، فان لم يكن مما سبق، فقد تكون هذه الأنشطة التجارية مجالاً خصباً لعمليات النصب والاحتيال وتداول العملات النقدية المزيفة، والسبب بداهة ان هذه الأنشطة التجارية لا تخضع لتدابير وقائية أو إجراءات رقابية حازمة تحد من استغلالها في عمليات لتبييض الأموال، وغير محكومة بتدابير تتعلق باليقظة والحيطة تجاه خلفية العملاء ولا تتطلب منهم إبراز وثائق ومستندات رسمية تثبت هويتهم ونظامية دخلهم كما هو معمول به لدى المؤسسات المالية وغير المالية. فالمأمول من الجهات الرقابية المعنية بمتابعة هذا النوع من الأنشطة التجارية المبادرة بالاستفادة من هذه الخطوة وتفعيلها لضبط ما يجري في سوق بعض الأنشطة التجارية من تعاملات تقوم على استخدام النقد لتسوية تعاملاتها وصفقاتها، فالمشاهدات والممارسات اليومية تعكس أهمية الحاجة للتدخل السريع لضبط ما يتم تدويره في تلك الأنشطة من مبالغ نقدية هائلة وصلت لخانات الملايين وتتجاوز أحيانا الغرض التجاري الفعلي لما يجري فيها من صفقات، مما انعكس سلبا على طبيعة التعاملات وظروفها وأدى إلى تضخم قيمها بشكل تخطى المعقول عرفا والمقبول نظاما، بجانب انه يتم التعامل في هذه الأنشطة حتى من قبل غير السعوديين بحرية مطلقة ودون قيود على مشروعية مصادر دخلهم، مما يجعل من هذه الأنشطة مجالاً مغرياً لاستقطاب الأموال المتأتية من أعمال إجرامية سابقة كتلك الأموال الناتجة عن جرائم الفساد وتجارة المخدرات وتهريب الأسلحة ونحو ذلك، بقصد تمرير متحصلات هذه الجرائم عبر صفقات وهمية في تلك الأنشطة التجارية بعيدا عن أعين الجهات الرقابية وأيدي سلطات المكافحة الأمنية. * مستشار قانوني