كان للأمم المتحدة دور كبير في وصول الوضع اليمني إلى ما وصل إليه، ولو تعاملت مع القضية بنية صادقة وضمير يقظ وتحمل أمين للمسؤولية لما تركت مبعوثها السابق يلت ويعجن في صنعاء شهورا طويلة وهي تتفرج، ولما سمحت له بترتيب الاتفاق الكارثي المسمى اتفاق السلم والشراكة الذي تحت غطائه زحف الحوثي ليقتلع الحكومة الشرعية ويحول اليمن إلى ساحة فوضى. من الصعب تصديق النوايا الحسنة في قضية كهذه لأن حلقات المسلسل كانت تتوالى أمام عيون الأمم المتحدة ولم تفعل شيئا، سابقا أو لاحقا. كل قراراتها بخصوص مجرمي الحرب في اليمن لم تنفذ، وحتى عندما أصدر مجلس الأمن قراره 2216 الذي استبشرنا به وظننا أنه سيكون موضع التنفيذ الفوري، استمر حبرا على ورق، وما كان لنا في المملكة غير حماية أمننا الوطني دون انتظار لتسويف وتراخي الأمم المتحدة وما سيسفر عنه قلق أمينها العام. ذهب ابن عمر في سبيله بعد أن تأكد للعالم أنه كان عنصرا مهما في تعقيد الكارثة اليمنية، وجاء خالد ولد الشيخ كمبعوث جديد توقعنا أنه سيستفيد من أخطاء سابقه كي يتجنبها، وأنه سيبدأ من نقطة ارتكاز هي التنفيذ العملي والفوري للقرار الأممي الذي ينص على انسحاب الحوثيين من كل المناطق التي استولوا عليها وتسليم أسلحتهم والامتثال للسلطة الشرعية، وعندما يكون القرار تحت الفصل السابع فذلك يعني تنفيذه حتى باستخدام القوة، ولكن يبدو أن المبعوث اللاحق لا يختلف عن السابق، وأن الأمور تتجه لإعطاء الحوثيين فرصة أخرى للتلاعب بالوقت وسفك مزيد من الدماء والشعور بالندية للحكومة الشرعية. ما الذي يبيح لفصيل متمرد أن يكون الطرف الثاني في مفاوضات مع حكومة شرعية، وما هو التسويغ لدعوة عصابة مدعومة من الخارج للتفاوض على مصير وطن. إنه عبث كبير حين يدعو مبعوث الأمم المتحدة لمفاوضات جديدة بين عصابة وحكومة بعد أن ثبت أنها لا تريد شيئا سوى تدمير اليمن لصالح مشروع توسعي أجنبي وبمساعدة رئيس سابق خان وطنه. لقد اشتعلت حرب وسقط شهداء واقترب المصير المحتوم لكل الخونة، فلا يجب أن نعطي لهم فرصة لإطالة الوقت. ويجب أن يكون لنا في المملكة رأي في ما تفعله الأمم المتحدة عن طريق مبعوثها، لأننا جيران اليمن ولأننا نتضرر من عبث العصابة الحوثية بالوكالة عن الآخرين، ولأننا قد خسرنا شهداء وليس لنا خيار سوى حماية أمننا الوطني بإنهاء الفوضى التي يعاني منها اليمن.