هناك داعيات في المجتمع بل إنهن لم يصلن إلى مرحلة الفتوى أو إنهن لا يجرؤن على إصدار الفتاوى التي تخصّ النساء أمثالهن، وتركن هذا الأمر برمته إلى الرجُل، فالداعية تغيبّت عن المشهد دون أن يكون لغيابها ما يُبرره مع قدوم الشهر الفضيل، ودخول شهر ذي الحجة، شهر العبادات والبحث عن الطاعات والصدقات وأعمال الخير، تكثُر ـ كما في شهر رمضان ـ الفتاوى، ويزدادُ الناس «بجنسيهم» بحثاً عن المُفتي منقذ البشرية أو على الأقل مُنقذهم من أسئلة تتراوح بين جدران العقل والقلب، وكأنهم حديثو عهد بالدين والشرع وأحكامه (قلّة من الناس من تسأل عن أشياء جديدة بل إن الغالبية ـ ومع الأسف ـ تُكرر ما جاءت به الأعوام السابقة من حكايات وبعضها خُزعبلات ما أنزل الله بها من سُلطان!! ومُنذ القدم تبحث النساء عن الرجل لتسأله عن حاجاتها وأمورها وتستفتيه بأدق تفاصيل حياتها، وكأنهُ العليم بنواقصها، وكمالياتها، ودينها ـ ومع الأسف ـ تُحاول هؤلاء النسوة ترسيخ مفهوم النقص في عقلية المرأة (ناقصات عقل ودين) ثم المُطالبة بالعدل بين الجنسين، وأننا نحن النساء لسن ناقصات، ولستم قوّامين، بل يجبُ عليكم أيها الرجال أن تفهموا معنى القوامة..! وحين العودة إلى لُبّ الموضوع نجد أن المرأة هي بذاتها من رسّخت هذا المفهوم وجعلت منه ـ أي الرجل ـ قوّاماً عليها وقائماً بشؤونها وأعلم منها بحاجاتها ومتطلباتها..! ونجد أن ساحات التواصل الاجتماعي تعجُّ بكثير من الدُعاة الذين تحولوا إلى نجوم، وأصبحت لهم جماهيرية غير مسبوقة، ومُتابعين في تويتر والفيس بوك؛ حيث تحوّل هؤلاء إلى نجوم في الإفتاء، وإثراء المشهد الديني، ورغم أن مُتطلبات الداعية أو الفقيه لا تنطبقُ على غالبية هؤلاء «نجوم مواقع التواصل الاجتماعي»؛ حيث ينقصهُم الكثير والكثير من علوم الشريعة، ويعتمد في نهاية المطاف على مدى إلمامه بالعلوم الشرعية وما يصلُ إليه من مستوى في المحتوى، والفكر بما يتناسب مع حقيقة العلوم الشرعية في الدين الحنيف، إلا أن هذا المعيار ـ مع الأسف ـ لا يوجد لدى المرأة الداعية..! لم يكُن للمرأة نصيبٌ في هذه العلوم، وإن كانت هناك داعيات في المجتمع بل إنهن لم يصلن إلى مرحلة الفتوى أو إنهن لا يجرؤن على إصدار الفتاوى التي تخصّ النساء أمثالهن، وتركن هذا الأمر برمته إلى الرجُل، فالداعية تغيبّت عن المشهد دون أن يكون لغيابها ما يُبرره، ويبدو أن للمُجتمع ونظرته سقفاً في دور المرأة وحدود تحركاتها ووجودها..! تقليص دور المرأة جعل منها ألعوبة أحياناً في يد الرجل خاصة ممّن لا يملكون من الفقه ولا الشرع شيئاً يُذكر، مما جعل لهم قداسة ومكانة رسمتها تلك النسوة لهم، وجعلت منهم نجوماً في هذا الفضاء وهذا المجال، فصدّق نفسه وأصبح «ذيل الطاؤوس» يتمختر بين القنوات الفضائية وبين مواقع التواصل الاجتماعي في ظل الغياب الدائم والمُستمر من المرأة صاحبة الشأن..! في الوقت الذي أبرز المجتمع وثمن دور المرأة كطبيبة وممرضة بل وحتى في مجالس الشورى والبلديات ومجالس المناطق؛ فها هي تدخل الانتخابات البلدية وتنافس أخاها الرجل في عدة مجالات اقتصادية وإعلامية وثقافية، إلا أنها غابت بل إن المُجتمع أراد لها أن تغيب عن المشهد الديني، بل غابت بشكل لافت للنظر الداعية والفقيهة مما حدا بغالبية النساء ـ حتى وإن كُنّ يحملن شهادات عُليا في تخصصات عليا نادرة ـ أن تعود إلى طالب علم شرعي لا يحمل من الخبرات سوى أنه خريج إحدى الجامعات الشرعية، أو أنه درس على فلان من المشايخ، وقد يكاد عمره لا يتجاوز الثلاثين عاماً أو أدنى ولكن المجتمع فرضه شيخاً تعود إليه الطبيبة والاختصاصية والمتخصصة، حتى وإن بلغت من العُمر عتياً، وإن كانت أُمه أو أُخته؛ كونها سيدة وهو يحمل في طياته الجينات الذكورية، فهل أصبح الدين والاشتغال بأمور الفتوى في مُجتمعنا قاصراً فقط على الجانب الذكوري؟ وهل تختفي حقوق المرأة عند هذا السقف ولا يجوز لها أن تُفتي أختها وشقيقتها في أمور دينها، ويجب عليها فرضاً، وحُكماً وعاداتٍ، وعلماً، ومنهاجاً، وقواماً أن تعود إلى صاحب الجينات الذكرية وإلاّ فإنها خرجت عن المألوف، والعادات، والتقاليد ورُبما عن الملّة.؟! هل سيكون لدينا في القريب العاجل امرأة مُفتية بمرتبة شيخ ونُطلق عليها معالي الشيخة المُفتية..؟ ألا يوجد لدينا فضيلة الشيخ؟ فلماذا لا يوجد فضيلة الشيخة؟ أم أن الرجل له حق الأفضلية بعلوم الدين والفتوى..!