عقد اجتماع لوزراء نفط دول مجلس التعاون الخليجي في الدوحة قبل ايام، لمناقشة اقتراح فنزويلا لعقد قمة للدول الأعضاء في أوبك والمنتجين خارجها، بالاضافة إلى مواضيع تتعلق بالسوق النفطية والاستثمارات في المنطقة. وجاء توقيت الاجتماع في وقت ما زالت اسعار النفط العالمية تتعرض لتحديات وصعوبات تتمثل في زيادة المعروض من النفط مقابل تواضع في ارتفاع الطلب العالمي. ودفعت الانخفاضات الاخيرة في أسعار النفط بعض أعضاء أوبك للدعوة إلى عقد اجتماع طارئ للمنظمة، ولكن معظم اعضاء اوبك يرون ان لا ضرورة لعقد هذا الاجتماع إذا لم تكن نتيجته واضحة. لان عدم الاتفاق على سياسة معينة سيصيب الاسعار بمزيد من الضرر. وخلال شهر اغسطس الماضي وصلت اسعار نفط برنت الى حدود 40 دولارا للبرميل وكسرت اسعار الخام الامريكى حاجز الاربعين دولارا لتسجل اقل سعر في حوالي 7 سنوات. وفي هذه الاثناء لم يستبعد كثير من المؤسسات العالمية المختصة بدراسة اسعار النفط المستقبلية ان تتدهور الاسعار اكثر في المستقبل القريب. وعلى سبيل المثال توقع بنك غولدمان ساكس ان تواصل اسعار النفط تدهورها بسبب وفرة المعروض العالمي والمخاوف بشأن الاقتصاد الصيني. وفي هذه الظروف العالمية والمتغيرات الدقيقة في صناعة النفط سينعقد الاجتماع الوزاري المقبل لوزراء النفط في دول أوبك في 4 (ديسمبر) المقبل. وبحسب أمينها العام، ترى اوبك أن أسعار النفط لن تتأثر حتى إذا خفضت امداداتها بواقع مليوني برميل يومياً. ولقد أشار الامين العام قبل فترة الى ان المنظمة لا تزال قوية، ولا تعتزم خفض إنتاج النفط وأنها لم تتلق أي طلب من الأعضاء لعقد اجتماع استثنائي. ولقد رفعت اوبك انتاجها من النفط بحوالي نصف مليون برميل باليوم ما بين شهري مايو ويوليو الماضيين وبحسب تقرير اوبك الاخير فان انتاج المنظمة قد اقترب من حوالي 31.6 مليون برميل باليوم وهو يقارب اعلى معدلات انتاج اوبك التاريخية. باختصار تعاني تجارة النفط العالمية من زيادة الانتاج ووفرة المعروض ويرجع احد اهم اسباب هذه الوفرة انتاج امريكا لحوالي 5 ملايين برميل باليوم من النفوط غير التقليدية عالية التكلفة. وعلى الارجح ليس هنالك ما يستدعي حالياً عقد قمة لرؤساء الدول المنتجة للنفط ما لم ينتج عن هذه اللقاءات إجراءت ملموسة لدعم أسعار الخام، ومن الافضل عدم التدخل في سوق النفط في الوقت الحالي الذى يصحح نفسه. ان اساسيات السوق تقوم على العرض والطلب ومن يستطيع ان يتحمل تبعية هبوط الاسعار هو من يجب ان يستمر، هذه هي ركيزة اسواق النفط. ان انعقاد مثل هذه القمم قد يسفر عن نتائج سلبية على اسعار النفط خاصة اذا لم يتمخض عن نتائج ايجابية واتفاقات بين اوبك ودول خارج اوبك. والتاريخ يعرض لنا ان مثل هذه الاجتماعات التى عقدت فى السابق مع روسيا وغيرها لم تثمر أي نتائج لان دول خارج اوبك تريد من اوبك ان تخفض انتاجها بدون اي التزام منها بخفض الانتاج. الاكيد أن اجتماع وزراء نفط دول الخليج له أهمية كبيرة لاسيما وأن هذه الدول تنتج حوالي 17 مليون برميل باليوم وهو يعادل حوالي 57% من انتاج اوبك. وبذلك فان هذا الاجتماع يضم أهم المنتجين للنفط بالعالم ويمكن أن يكون بداية لقرارات تدعم الصناعة والاستثمار في صناعة النفط التي تواجه تحديات كبيرة تتمثل في انخفاض الاسعار وعدم وجود فرص او عائد كبير من هذه الاستثمارات. ولذلك تبقى التأكيدات الخليجية بشأن الاستمرار في الاستثمار في القطاع النفطي مهما تراجعت الأسعار يمثل رسالة طمأنة للأسواق حول تأمين الإمدادات وإن حالة وفرة المعروض الحالية لن يعقبها حالة ندرة في المعروض ومن ثم ارتفاع مبالغ فيه في الأسعار. ستبقى كلفة انتاج النفط فى دول اوبك ودول الخليج على الاخص الارخص بالعالم، ولذلك وفي ظل هبوط اسعار النفط الحالية سيخرج اصحاب المشاريع عالية الكلفة او ستؤجل مشاريعهم الى ان ترتفع اسعار النفط مجدداً. وفي الختام قالت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الاخير إن الخطوة التي اتخذتها اوبك بالإحجام عن خفض الإنتاج لحماية حصتها سوف تؤتي ثمارها على ما يبدو فى العام القادم.