لن نقول إن الكوميديا السوداء والحركة لا يمتزجان لكن كاتب النص ماكس لانديس (نعم هو ابن صانع أفلام كوميديا الثمانينات جون لانديس) لم يحسن مزجهما نصاً، وبالتالي لم يتمكن المخرج الإيراني البريطاني نيما نوري زاده من تجسيدهما بإتقان على الشاشة الكبيرة. المخرج الأميركي كونتين تارانتينو نفسه لم يبتكر هذا الأسلوب وهو مزج الكوميديا السوداء بالحركة رغم أنه بارع في مزجها كتابة وتنفيذاً خصوصاً في فيلميه Reservoir Dogs عام 1991 ورائعتهPulp Fiction عام 1994 بل إن تارانتينو هو الأفضل إطلاقاً في هذا المجال وهو من أعاد ابتكارها وتعريفها للجيل الجديد. منذ التسعينات حاول عدة مخرجين محاكاة تارانتينو في أسلوبه، البعض نجح وأبرزهم دوغ ليمان وغاي ريتشي أما البقية ففشلوا. هنا في أميركان ألترا لدينا كاتب يظن أنه وضع نصاً لفيلم أصلي ولدينا مخرج كان آخر فيلم له بعنوانProject X عام 2012 وهو فيلم رعب مشهور بمشاهد القيء. فكرة الفيلم دعونا نستعرض أصالة فكرة الفيلم: رجل اسمه مايك (جيسي آيزنبيرغ) يبدو عادياً جداً ومسالماً ثم نفاجأ أنه عميل رفيع المستوى لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA في وضعية النائم وينتظر أوامر إعادة تفعيله. ألا يحضر فيلم The Manchurian Candidate بنسختيه 1962 و 2004 إلى الذاكرة!؟ عندما يشعر مايك بالخطر يتذكر فجأة المهارات القتالية العالية التي يتمتع بها ويبدأ بتطبيقها للدفاع عن نفسه وعن من ستصبح زوجته. ألا يحضر فيلمThe Bourne Identity إلى الذاكرة! المهم أن كاتبنا لانديس ومخرجنا نوري زاده يمضيان في القديم المتجدد الذي لا يحمل جديداً ولا مفاجآت لنرى أن مايك عميل استخبارات يعيش حياة هادئة يتعاطى المخدرات مع فيبي الفتاة التي يحبها (كريستين ستيوارت) في بلدة هادئة، نرى أنها تحبه جداً ونعلم أنه يعاني من نوبات ذعر. إعادة تفعيل عندما يقرر عميل ميداني من النخبة في الوكالة أن مايك يشكل خطراً ويأمر بالقضاء عليه بالرغم أن مايك نفسه لا يعلم مدى الخطورة التي يشكلها. عندها تقرر موظفة تعمل لدى العميل الميداني مساعدة مايك وتعيد تفعيله ليتذكر نفسه، لتبدأ بعدها سلسلة من المواجهات والمعارك التي رأيناها في أفلام سابقة وحفظناها عن ظهر قلب. نص لانديس يستخدم أسلوبFull Circle أو الدائرة الكاملة في سرده أي أن الفيلم يبدأ وينتهي بالمشهد الأول وما بينهما هو مشاهد فلاشباك. ليس هناك سبب واضح لاختيار هذا الأسلوب سوى محاكاة تارانتينو لكن شتان بين الأول ولانديس الذي قتل الإثارة بإخبارنا (من خلال المشهد الأول) أن مايك سينجو من محنته ولو أن وجهه سيكون متورما بسبب الكدمات. المحير أكثر استعراض أهم لحظات الفيلم في لقطات على شكل ومضات سريعة بأسلوبFast Rewind بعد بداية الفلاشباك بقليل، أي أن الفيلم نوعاً ما احترق على المشاهد قبل أن يبدأ. أميركان ألترا فيلم غاية في التشتت لكنه يريد أن يثبت بأي طريقة أنه يعلم أين يتجه. كمرشد للطريق يحطم بوصلته نتيجة ثقته الزائدة في نفسه وهو تائه. كل محاولات الفيلم لتقليدPulp Fiction واضحة لكن لانديس ونور زاده لا يتقنانها والسبب أولاً أن النكات غير مضحكة وثانياً أن أسلوب الفيلم ساخر يتناقض وأداء الممثلين الجاد لأبعد الحدود. براعة نجح المخرج تارانتينو تماماً في إضحاكنا في فيلم Pulp Fiction ومن لا يتذكر ذلك المشهد الكلاسيكي في السيارة التي كان يقودها ساميول جاكسون وبجانبه جون ترافولتا ومعهما رجل في الخلف، عندما كانا يتناقشان وفجأة استدار ترافولتا للرجل الجالس في المقعد الخلفي ليأخذ رأيه ومسدس ترافولتا في يده مصوب بلا قصد على الرجل. المشاهد يعلم أن ما يتوقعه قادم بلا شك وبالفعل ترافولتا وببلاهة شديدة يضغط الزناد بعفوية ويفجر وجه الرجل برصاصة طائشة في مشهد انفجرت له صالات السينما ضحكاً في ذلك الوقت. ما أتقنه تارانتينو ببراعة أدخلته التاريخ فشل فيه لانديس ونوري زاده بصورة كبيرة ستجعل أميركان ألترا فيلماً منسياً. ولا نعلم أين الأصالة التي ادعاها لانديس في نصه واحتج على إخفاق فيلمه في شباك التذاكر الأميركية في سلسلة من التغريدات لم تكشف سوى سطحيته وغروره. قاسم مشترك أميركان ألترا عن عميل استخبارات يتعاطى المخدرات، وكاتب الفيلم يقول إن نصه أصلي بالرغم من إثباتنا عكس ذلك في هذه المساحة. قد يكون هناك ثمة قاسم مشترك بين كاتب الفيلم وشخصيته. بطولة:كريستين ستيوارت، جسيس آيزنبيرغ، توفر غريس، بيل بولمان إخراج:نيما نوري زاده التقييم