توقعت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" نمو الطلب العالمي على النفط مدعوما بتحسن الطلب من اقتصاديات أوروبا وأمريكا والدول الصناعية. ووصفت المنظمة في تقرير لها ما يحدث من انخفاض لأسعار النفط بأنه مجرد عاصفة مؤقتة، داعية إلى التروي حتى تهدأ العاصفة وستعود المياه إلى مجاريها كون كل التوقعات إيجابية وصحيحة وواسعة بشأن نمو الطلب على النفط مستقبلا. وقال التقرير إن الطلب على النفط سيتحسن أكثر في العام المقبل بشهادة ثلاث من أكبر المؤسسات الرئيسية والموثوق بتقديراتها لمستقبل صناعة النفط وهي: وكالة الطاقة الدولية، إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، إلى جانب "أوبك". وأوضحت أن توقعات المؤسسات الثلاث الكبرى للطاقة في العالم تؤكد حدوث تسارع في معدلات نمو الاقتصاد العالمي وهو ما سينعكس على زيادة الطلب على النفط الخام وبالتالي ارتفاع الأسعار خلال العام المقبل. وأشارت إلى أن هذه الإحصائيات تبشر بالخير لأسعار النفط ويجب أن تلعب دورا كبيرا في المساعدة على استعادة استقرار السوق. فالتجارب التاريخية كانت خير دليل على التعامل مع المتغيرات في سوق النفط الدولية وكيفية التعامل معها وهو أمر صعب ويحتاج إلى الصبر وحسن إدارة الأزمات خاصة أن أزمات سوق الطاقة ليست سهلة بسبب تعدد الأطراف الضالعة في الأمر وسعي كل طرف إلى الدفاع عن مصالحه التي قد تتعارض مع أطراف أخرى، مشيرة إلى أن عدم التوازن الحالي بين العرض والطلب سيتلاشى تدريجيا مع تحسن أداء الاقتصاد العالمي حيث سيسجل معدل النمو 2.3 في المائة هذا العام وسيرتفع إلى 5.3 في المائة خلال العام المقبل 2016. كون الدول الصناعية ودول منطقة اليورو سيتعافيان من الركود الاقتصادي بشكل جيد خلال العام المقبل ويسجلان معدلات نمو جيدة تقدر بنحو 1.2 في المائة و3.1 في المائة على التوالي خلال العام المقبل. وبحسب التقرير فهناك مؤشرات إيجابية في عدد من دول العالم فمن المتوقع أن تحقق الهند نموا واسعا في إجمالي الناتج المحلي بنسبة تصل إلى 7.7 في المائة في عام 2016م وستظل الصين قوية نسبيا في معدلات النمو بنحو 6.5 في المائة. كما ستشهد روسيا والبرازيل مرحلة من التعافي والخروج من الركود الاقتصادي وبالتالي سيلاحظ الجميع أن هذه الأنباء الإيجابية عن النمو في العالم ستجعلنا أكثر تفاؤلا بخصوص انعكاس ذلك على تحسن نمو الطلب على النفط الخام. وأشار التقرير إلى أن الدول الصناعية ودول منطقة اليورو سيتعافيان من الركود الاقتصادي بشكل جيد خلال العام المقبل ويسجلان معدلات نمو جيدة هي 1.2 في المائة و3.1 في المائة على التوالي خلال العام المقبل. وجددت "أوبك" في أحدث تقرير لها تمسكها بمواصلة كل الجهود وبذل كل ما في قدرتها من أجل خلق بيئة مواتية ومستقرة لسوق النفط والعمل بشكل مكثف على ضمان تحقيق التوازن في السوق والحفاظ على مستويات أسعار عادلة ومعقولة. وأنها على أهبة الاستعداد لإجراء محادثات مع جميع المنتجين الآخرين على أن تكون هذه المحادثات قائمة على مبدأ أساسي، وهو تكافؤ الفرص. ونوهت بأنه من حق "أوبك" حماية مصالحها الخاصة ومصالح الدول الأعضاء فيها خاصة أن هذه الدول تعتمد على النفط الخام كمورد ثمين يتحمل العبء الأكبر في اقتصادياتها وناتجها القومي ولن تستطيع أن تفعل خلاف ذلك. وقالت "إن التعاون سيبقى دائما مفتاحا لمستقبل أفضل في صناعة النفط وهذا هو سبب الاهتمام بالنهوض ببرامج الحوار بين أصحاب المصلحة الرئيسية وبدون ذلك لن يتحقق أي تقدم فليس هناك حل سريع لأزمات السوق لكن يجب أن يكون هناك استعداد لمواجهة تحديات صناعة النفط بتعاون كل الدول معا وأن آفاق المستقبل في هذه الصناعة أفضل بكثير وهناك آمال واسعة للتقدم والنمو وتجاوز تداعيات وسلبيات الفترة السابقة". واستطردت بالقول "إن سوق النفط ستشهد تحسنا ملموسا خلال الشهور المقبلة وقبل انتهاء العام الجاري 2015 وستحقق اقتصاديات الدول المستهلكة الكبرى مؤشرات اقتصادية إيجابية فمن الطبيعي والمتوقع أن نشهد خلال المرحلة الحالية توقف وإحجام شركات النفط عن المخاطرة بإنفاق مبالغ طائلة في الاستثمار في ظل المناخ الاقتصادي الحالي وأن تتبنى الشركات سياسات تقشفية لتخفيض الإنفاق وإيجاد سبل لخفض التكاليف في المشاريع القائمة وإعداد الميزانيات وفقا لتوقعات بأسعار أكثر انخفاضا للنفط الخام عن الأسعار الحالية". وبحسب التقرير فإن الشيء الإيجابي الذي يمكن الخروج به من فترة انخفاض الأسعار هو أن الطلب يرتفع عادة كما يشجع الوقود الأرخص دائما على زيادة إنفاق المستهلكين على شراء الطاقة. من جهة أخرى، يستعد وزراء البترول وممثلو شركات النفط العاملة في القارة السمراء للتحضير لانطلاق أعمال أسبوع النفط في إفريقيا الذي سيعقد في مدينة كيب تاون بجنوب إفريقيا في الفترة من 26 إلى 30 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. وقال بيان لوزارة النفط في جنوب إفريقيا "إن أسبوع النفط الإفريقي يعقد هذا العام في دورته 22 ويتضمن عديدا من المباحثات وورش العمل والعروض التي تقدمها شركات النفط الدولية وتشرح فيها فرص الاستثمار في القطاع النفطي في إفريقيا وكيفية التغلب على صعوبات السوق خاصة عدم استقرار الأسعار حاليا". وتذبذبت أسعار النفط الخام الأمريكي في نطاق ضيق مائل نحو التراجع خلال الجلسة الأمريكية متغاضية عن انخفاض مؤشر الدولار الأمريكي للجلسة الثانية على التوالي وفقاً للعلاقة العكسية بينهما عقب التطورات والبيانات الاقتصادية التي تبعتها عن الاقتصاد الأمريكي. وانخفضت العقود الآجلة للنفط الخام الأمريكي تسليم 15 من شهر تشرين الأول (أكتوبر) المقبل لتتداول عند مستويات 45.05 دولار للبرميل مقارنة بمستويات الافتتاحية عند 45.63 دولار للبرميل بعد أن حققت الأدنى لها عند 44.15 دولار للبرميل والأعلى لها خلال تداولات الجلسة عند 45.85 دولار للبرميل. وعلى الصعيد الآخر كان مؤشر الدولار الأمريكي قد انخفض الخميس للجلسة الثانية على التوالي أمام ست عملات رئيسية على رأسها اليورو الذي يزن أكثر من نصف المؤشر. وكان تقرير وكالة الطاقة قد أوضح تقلص فائض في مخزونات النفط الخام الأمريكي لنحو 2.6 مليون برميل مقابل بنحو 4.7 مليون برميل في القراءة الأسبوعية السابقة، بخلاف التوقعات التي أشارت إلى تقلص الفائض لنحو 0.9 مليون برميل، لتصل بذلك المخزونات خلال الأسبوع المنقضي في الرابع من أيلول (سبتمبر) إلى نحو 458.0 مليون برميل. وانضم "جولدمان ساكس" إلى قائمة طويلة من المصارف التي خفضت توقعاتها لأسعار النفط إذ قلص أمس توقعاته لمتوسط أسعار الخام الأمريكي في 2016 إلى 45 دولارا للبرميل من 57 دولارا في تقديراته السابقة وخام برنت إلى 49.50 دولار انخفاضا من 62 دولارا. وقال "جولدمان ساكس"، "إن أسعار الخام قد تواصل الانخفاض لتقترب من 20 دولارا للبرميل بسبب ضغوط مرتبطة بعمليات التشغيل" قال "إنها تشكل خطرا نزوليا متناميا على توقعاته". وخفض "كومرتس بنك" الألماني أيضا توقعاته للأسعار قائلا "إن من المرجع أن يبلغ سعر تداول برنت 55 دولارا بنهاية هذا العام قبل أن يرتفع إلى 65 دولارا بنهاية 2016". وأنهت عقود الخام الأمريكي لأقرب استحقاق جلسة التداول منخفضة 1.29 دولار أو ما يعادل 2.8 في المائة لتسجل عند التسوية 44.63 دولار للبرميل. وتراجعت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت 75 سنتا أو 1.5 في المائة لتبلغ عند التسوية 48.59 دولار للبرميل. وكان الخامان القياسيان قد هبطا بأكثر من 3 في المائة عقب الإعلان الذي أصدره "جولدمان ساكس" ثم قلصا خسائرهما مع تعافي الأسهم في بورصة وول ستريت وتقرير من شركة بيكر هيوز أشار إلى انخفاض في عدد المنصات النفطية العاملة في الولايات المتحدة. لكن الأسعار اتجهت إلى الانخفاض مرة أخرى في أواخر التعاملات. وهوت أسعار النفط بأكثر من 50 في المائة على مدى 12 شهرا الماضية حيث هبط سعر برنت من 120 دولارا للبرميل في منتصف 2014 إلى نحو 42 دولارا للبرميل الشهر الماضي بسبب تخمة المعروض. ويقول محللون "إن السوق تستعيد توازنها لكن المخزونات الكبيرة ستواصل الضغط على الأسعار في العام المقبل". وتجاهل المستثمرون إلى حد كبير تقريرا متفائلا نسبيا من وكالة الطاقة الدولية التي تقدم المشورة لأكبر الاقتصادات في العالم بشأن سياسة الطاقة. وقالت الوكالة "إن الخطوة التي اتخذها أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" بقيادة السعودية بالإحجام عن خفض الإنتاج لحماية حصتهم في السوق تؤتي ثمارها على ما يبدو".