نقلت وكالة أنباء روسية أمس الأربعاء عن مصادر دبلوماسية أن روسيا حصلت على تصريح من اليونان وإيران للطيران فوق أراضيهما تجاه سورية، وكانت اليونان أعلنت قبل أيام أن الولايات المتحدة طلبت منها إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية المتوجهة إلى سورية بسبب مخاوف من أن موسكو قد تكون تعمل على حشد قوات عسكرية لدعم بشار الأسد. وكانت بلغاريا، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي يضم أيضا الولايات المتحدة واليونان، قد أعلنت أنها لن تسمح بمرور الطائرات الروسية بسبب الاشتباه في حمولتها. في غضون ذلك، شددت موسكو على أن توريدها معدات عسكرية إلى سورية يتطابق بالكامل مع القانون الدولي، وأنها قد تدرس تقديم مساعدة إضافية لسورية في مكافحة الإرهاب. من جانبها، لا تخفي الولايات المتحدة قلقها ازاء تعدد المؤشرات عن تعزيز التواجد العسكري الروسي في شمال غرب سوريا، من اقامة منازل جاهزة الصنع يمكنها استقبال مئات الجنود الروس، الى بناء برج مراقبة، الى تكرار رحلات طائرات نقل عسكرية ضخمة. ورسميا ليس لموسكو اي وجود على الاراضي السورية باستثناء منشآتها اللوجستية العسكرية في ميناء طرطوس على شواطىء المتوسط. لكن نشر معلومات في الايام الاخيرة في وسائل اعلام عدة عن وجود عسكري متنام ثم انتشار صور على شبكات التواصل الاجتماعي الروسية تظهر عسكريين روسا يؤكدون وجودهم في هذا البلد طرح على الفور سؤالا : هل تخطط روسيا لشيء ما في سورية؟. ومنذ اشهر يدعو فلاديمير بوتين الى مقاربة مزدوجة في النزاع السوري دفع المعارضين السوريين الى توحيد مواقفهم للتفاوض بشأن ايجاد حل للازمة السياسية مع دمشق، وتشكيل تحالف عسكري موسع يضم تركيا والسعودية والجيش النظامي السوري لمحاربة تنظيم داعش لمتطرف. ولا تلقى هذه المبادرة حاليا سوى دعم محدود. وقال الرئيس الروسي بوضوح انه في الوقت الراهن من غير الوارد ان يشارك الجيش الروسي في عمليات عسكرية مباشرة في سورية، ووسط هذه الاجواء ظهرت المؤشرات الاولى للتعزيزات العسكرية الروسية في سورية. وكانت صحيفة نيويورك تايمز الاميركية اول من نشر السبت معلومات عن ان روسيا نشرت قوة ونقلت معدات لاقامة قاعدة جوية في اللاذقية معقل بشار الاسد في شمال غرب سورية، وفي الاثناء اتصل وزير الخارجية الاميركي جون كيري بنظيره الروسي سيرغي لافروف ليعبر له عن مخاوفه من احتمال "تصعيد" النزاع. والثلاثاء قال مسؤولون اميركيون أن الروس اقاموا مؤخرا منازل جاهزة الصنع قادرة على استقبال "مئات الاشخاص" وبرج مراقبة جوية نقالا. وحطت ثلاث طائرات شحن عسكرية على الاقل - طائرتا شحن من طراز انطونوف 124 كوندور وطائرة لنقل الجنود- في الايام الاخيرة في مطار اللاذقية بحسب ما قال المسؤولون الاميركيون الذين طلبوا عدم كشف هوياتهم، وقال المسؤولون "كل ذلك يشير الى اقامة قاعدة جوية" موضحين ان "ليس لديهم معلومات" عن احتمال وجود اسلحة روسية على الارض. من جهتها نفت موسكو اي تعزيز لوجودها العسكري في سورية، واكدت الخارجية الروسية انها لم تخف ابدا دعمها للجيش السوري بالعديد والعتاد "لمحاربة الارهاب" لكنها رفضت كشف حمولة الطائرات الى سورية، كما نفى نظام دمشق نفيا قاطعا هذه المعلومات واتهم "الاستخبارات الغربية والعربية" بالترويج لمعلومات خاطئة. وردا على سؤال لوكالة فرانس برس قال المحلل المستقل الكسندر غولتز انه "من الطبيعي خلال تسليم اسلحة ان يكون هناك مستشارون عسكريون. هناك دائما اشخاص يرافقون المعدات العسكرية ويحضرون اولى الطلعات بالمروحية او الطائرات". وبشأن الصور التي تظهر جنود مشاة البحرية ونشرت على مواقع التواصل الاجتماعي قال غولتز "انهم الجنود الذين نشروا على الارض لمراقبة محيط قاعدة طرطوس". ويرى المحلل جيفري وايت من معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى ان "الكثير من المعدات الروسية تصل عبر مضيق البوسفور" خصوصا المدرعات. وقال ان "الهدف الاول هو تعزيز النظام السوري. قد تكون بدأت هذه العملية في ابريل ولم يلاحظها احد". واضاف ان الوجود الروسي "سيقضي على فرص المعارضين لتحقيق نجاحات" خصوصا في منطقة اللاذقية الاستراتيجية للاسد لانها تعتبر من المناطق التي يمكن ان يلجأ اليها الأسد والمقربون منه، ومنذ اشهر يمارس مقاتلو المعارضة ضغوطا متنامية على المدينة. وقلق واشنطن كبير اكثر من الماضي لان روسيا نجحت في نشر جنود من دون ان تقر بذلك ابدا، وخلال ضم شبه جزيرة القرم تم نشر قوات النخبة في الجيش الروسي ونفت موسكو في البداية اي تورط لها في هذه العملية، وبعد عام اقر بوتين امام الكاميرات انه عمل سرا لوضع خطة تدخل في شبه جزيرة القرم.