×
محافظة المدينة المنورة

مستشار رئيس الوزراء الماليزي: الإسلام دين السلام والمحبة والتعايش

صورة الخبر

شهدت الأسابيع الماضية ارتفاعا ملحوظا في أسعار الجنيه الاسترليني مقابل العملات الدولية الأخرى، فالمقارنة الأولية بين سعر صرف العملة الاسترليني واليورو تكشف أن الأزمة الأوروبية جعلت من الاسترليني "ملاذاً آمنا " للمستثمرين خلال الفترة الماضية. وإذا كانت إجراءات البنك الأوروبي المركزي خففت نسبيا أزمة الديون السيادية، باعتبارها عامل ضغط كبير على قيمة اليورو، فإن العملة البريطانية لم تعبأ كثيرا بهذه الإجراءات، وواصلت ارتفاعها. أما بالنسبة للدولار فإن تصريحات مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) بأنه لن يتم رفع أسعار الفائدة قريبا في الولايات المتحدة، أطاحت بالتمنيات التي سادت الأسواق إثر خفض برنامج التيسير الكمي بأن الخطوة التالية ستكون رفع مستوى الفائدة في واشنطن لجذب رؤوس الأموال الدولية التي غادرت الأسواق الناشئة، إلا أن هذا لم يحدث، مما رسخ الشعور الدولي بأن الاسترليني لا يزال أكثر العملات استقرارا. وأشار كليف كلارك المحلل المالي في البنك التجاري في تصريح لـ "الاقتصادية"، إلى أن قيمة الاسترليني تشهد في الغالب ارتفاعا ليس فقط في مواجهة اليورو، وإنما أيضا مقابل الدولار وبالطبع الين خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، فالسوق تحكمه التكهنات، وطالما لم يتخذ بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) قراره تجاه سعر الفائدة، فستظل أغلب الترجيحات تدور حول قيام البنك برفع أسعار الفائدة مستقبلا، في الوقت الذي يواصل مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) الحفاظ على أسعار الفائدة الراهنة، ولذلك سيفضل العديد من المستثمرين وخاصة في أوروبا التوجه إلى الاسترليني. وإذا كان البعض يعتقد أن الاحتمالات المستقبلية برفع سعر الفائدة في بريطانيا، تمثل عامل الجذب الأساسي للمستثمرين الدوليين تجاه الاسترليني، فإن البعض يجد أن الجاذبية الراهنة للعملة البريطانية تعود إلى تحسن الأداء الاقتصادي للمملكة المتحدة. جون بلوم الاستشاري في الشركة الدولية للاستثمار في الأصول المالية يعتقد أن المؤشرات الاقتصادية لمعدلات البطالة والأجور في بريطانيا تظهر أن الوضع الاقتصادي يتحسن مقارنة بباقي الدول الأوروبية، ويحفز هذا على الاستثمار في لندن وبالتالي زيادة الطلب على الاسترليني. ويضيف بلوم لـ "الاقتصادية"، أن معدل البطالة حاليا والبالغ 6.9 في المائة هو أقل من نسبة 7 في المائة المحددة من قبل بنك إنجلترا لرفع سعر الفائدة، والبيانات الأخيرة بشأن الأجور تشير إلى ارتفاع المتوسط العام للرواتب ليوازي معدل التضخم بالنسبة للمستهلكين، مما يعني تحسنا نسبيا في مستويات المعيشة. وتقدر أسواق العملات نسبة الزيادة في قيمة الاسترليني في مواجهة الدولار خلال الاثني عشر شهرا الماضية بنحو 10 في المائة وفي مقابل اليورو بـ 4 في المائة، لكن الأهم بالنسبة للمستهلك البريطاني وخاصة مع اقتراب فصل العطلات والسفر كانت قيمة الاسترليني في مواجهة العديد من عملات الاقتصادات الناشئة، حيث تعد تلك البلدان مناطق جذب سياحي أساسي للبريطانيين. ففي تركيا ارتفعت قيمة الاسترليني بـ 30 في المائة وإندونيسيا 29 في المائة وتايلاند 24 في المائة وفي روسيا على الرغم من أنها لا تقع في مقدمة البلدان التي يتوجه إليها السائح البريطاني فإن الاسترليني تفوق على الروبل بـ 26 في المائة. ورغم أن التحسن في قيمة الاسترليني أنباء جيدة تلقى كل ترحيب في الأوساط الشعبية البريطانية، خاصة بين قطاعات واسعة من الأسر والشباب الراغبين في الاستمتاع بعطلة الصيف خارج المملكة المتحدة، إلا أنها أنباء تقابل من صناع القرار الاقتصادي بمزيج من الترحيب والحذر في آن واحد، فارتفاع قيمة الاسترليني يعني عمليا زيادة القدرة الشرائية لبريطانيا من العالم الخارجي، وهو ما قد يساهم نسبيا في تحسن مستويات المعيشة، ولكن انعكاس ذلك على الاقتصاد الكلي للبلاد لا يزال محل جدل. فبينما يعتقد البعض أن هذا الارتفاع سيؤدي إلى جذب الاستثمارات الدولية، وضمان الحفاظ على معدلات نمو إيجابية مقارنة على الأقل بباقي الدول الأوروبية، فإن عددا من الاقتصاديين والسياسيين يعتقدون أن مواصلة الاسترليني ارتفاعه سيضر كثيرا بجهود الإصلاح الحكومي وسيؤدي لزيادة العجز المالي الراهن واتساع الفجوة بين الصادرات والواردات. وترفض الدكتورة إيملي بونميلد أستاذ علم الاقتصاد في جامعة كامبريدج، فكرة أن ارتفاع قيمة الاسترليني يضر بالاقتصاد الكلي لبريطانيا وتضيف لـ "الاقتصادية"، أن المدرسة الاقتصادية التقليدية للأسف الشديد تسيطر على أفكار مستشاري وزير المالية البريطاني، وهؤلاء يعتبرون أن أهم عنصر في الاقتصاد أن تتفوق الصادرات على الواردات، ولا شك أن هذا عنصر مهم اقتصاديا، ولكن من الخطأ أن نعتبره العنصر الأوحد لخلق التوازن الاقتصادي، فمعظم النمو الاقتصادي الذي تحقق العام الماضي لم يكن مرجعه زيادة الصادرات على الواردات، وإنما كان السبب الرئيسي هو انخفاض معدلات الادخار لدى الأسر البريطانية. وتشير إيملي إلى أن حديث وزير المالية عن تشجيع الادخار، يتناقض مع البيانات الرسمية التي تؤكد أن معدلات الادخار في تراجع أكبر هذا العام، وعما قريب سنشاهد ارتفاعا في حجم ديون الأسر البريطانية، وإذا كان الأمر كذلك وكنا نعتمد على إنفاق الأسر لتحقيق معدلات أعلى للنمو، ولا نستطيع القيام بتغييرات ملموسة في هيكل الرواتب والأجور، فالحل إذا يكمن في رفع قيمة الاسترليني، لكي يواصل المواطن معدلات إنفاقه الحالية. لكن وجهة النظر تلك لا تجد قبولا في أوساط كبار رجال الأعمال البريطانيين، وقد أبدي رجل الأعمال البريطاني الشهير المليونير جون ميلز- أكبر مانح مساعدات مالية لحزب العمال المعارض– اعتراضه على السياسة الراهنة للحكومة البريطانية باعتبارها تساعد على مواصلة الاسترليني لارتفاعه. واعتبر جون أن تلك السياسات ستؤدي حتما إلى "الركود الاقتصادي" في نهاية المطاف، ويعكس رأي جون ميلز وجهة نظر عدد من رجال الأعمال الذين يمارسون ضغوطا على الحكومة لاتخاذ إجراءات سريعة لخفض قيمة العملة الوطنية، لدعم الصادرات وجذب الاستثمارات الصناعية وخاصة في مجال الصناعات الخفيفة مثل الأدوات المنزلية والرياضية. وإذا كان من المستبعد أن تقوم الحكومة البريطانية بالتدخل في أسعار الصرف الحالية بالنسبة للاسترليني، فإن ذلك يعد وفقا لقواعد مجموعة السبع إعلان حرب بين العملات، وسيدفع أمريكا وأوروبا واليابان لاتخاذ إجراء مماثل، ومن المرجح أن يعمل جورج أوزبورن وزير المالية بالتعاون مع محافظ بنك إنجلترا على البحث عن سعر الصرف الأكثر ملاءمة لدعم الصادرات وجذب الاستثمارات، دون أن يؤدي ذلك إلى انخفاض قيمة الاسترليني بطريقة تفسد متعة البريطانيين الراغبين في قضاء عطلة الصيف في الخارج.