في تسعينيات القرن الماضي، انشغل جزء كبير من شباب الخليج بالشعر العامي، الذي سمّوه «شعبي»، وشعراؤنا إما بالفصيح أو العامي. اشتعلت ساحة الشعر بصحافة مجنونة تخصه، لمعت أسماء كبيرة كفهد عافت ونايف صقر ومساعد الرشيدي.. وتناسلت صفحات وملاحق ومجلات الشعر. بعد الألفية الثانية اندثرت صحافة الشعر مع منتديات الشعر الإنترنتية، تكاثر الشعراء كالفطر يتشابهون في لغتهم وصورهم، واليوم يملأون تويتر بثقافة تغريدة البيتين! من قلائل هذه الفوضى جاء مرتبًا كحديقة! (محمد عيضة)، شاعر معروف ليس مشهورًا، لزهده ويقينيته بما يكتب، شاعر كبير تاه اسمه ورسمه في كرنفال العبث والهباب المستشعر، احفظوا اسم هذا المجنون، هذا الذي يسبر المتن الشعري، وهو في الهامش يعتاش ويكتب اليومي والمعاش للمتعبين والكادحين، شفيف دمعته أقرب من قافيته وقافيته دمعة قلبه، وصادق ووطني بلا تزيّد، ومعتدل بلا تعادل. * كل أم وجابت: ولد. إلا أمك جابت: بلد. مَن اختزل الملك عبدالعزيز المؤسس بمثل هذه الومضة الشعرية الوصفية المادحة المنصفة كما فعل هذا النادر؟! * (سوا ربينا).. نص لمحمد عيضة من عيون الشعر العامي الخالدة! رثاء شاهق يصعب علي انتسال بيت منه للدلالة، بنيان مرصوص من بيان الفقد في رثاء معجون بوفاء الوحدة! لمحمد جنونه قال: * مكتظ رغبة بس فارغ من الشوق! مكتظ بالكلام يقوله ويصمت لتقرأ صمت من تحب أنت أو كما قال: * اللي يحب إنسان يسمع صمته! محمد عيضة القصّي حين يدلف لنصه، يقترب من همّه لهموم ناسه بنسناس لغته الفاتنة ليس كوردة حمراء، بل كحرارة رغيف التنور في كف أم باردة بالفجر لتطعم صغارها، ككأس شاي ورق بطاولة بوفيه، تعج بالذباب لعامل مغترب يشرب ويُفكِّر في أمه! قصائد محمد قليلة.. لأن الحقيقة كلماتها قليلة، ومتمردة ومنتمية، يكتبها اللا منتمي لشروط النص العامي. حداثة محمد في صوره الشعرية يصبّها في قالب لغوي غير مفتعل. بلغة بيضاء فلم (ينجدن) لسانه ليكون نبطيًا.. ولم يكتب عن (سوسنة وبنفسج)! ليكون كالتوائم نمطيًا! تغريدة : كلما كنت محليًا في إبداعك كنت عالميًا الروائي/ عبدالرحمن منيف. Twitter:@9abdullah1418 Asalgrni@gmail.com