قالت العرب ان النار من مستصغر الشرر، والشبيبة اليوم تلك الشرر المهملة والمنسية، إلا عند سدنة المعبد الاسود والشيطان الارهابي، إلا عند من يفهمون جيدا ويدركون ان حلقة الضعف الاسهل في المجتمع هم الفتية والشباب، فهؤلاء تحركهم المشاعر والحماس، خاصة ذات الدوافع الدينية وسويعات الاحباط الحياتي، فوعيهم بالسياسة ودهاليزها ومنطقها ورياضياتها لا يفهمونها ولا تهمهم، فكل ما يحركهم هو ذلك الوهم بالتخليد والشهادة بموت نابع من الجهاد، ولكن ضد من؟ ليس لديهم فهم محدد فكري أو منهجي، ما يفقهه فقط اأن الاسلام بات عرضة للانتهاك من الشرك والانحراف والتغريب، عبر فهم سطحي لكل تلك المفردات، والعدو الاساسي هم من يخالفونهم ليسوا بالضرورة في الدين او الفكر وانما حتى في المذهب فاولئك هم الاعداء الحقيقيون لدينهم. لهذا يتم شحن الفتية والشباب بشحنات عاجلة كشحنات البطارية، ويتم اعداده بروح الاستعداد للشهادة والتضحية، لينال شرف مميز عن كل الناس في الدنيا والاخرة، وما عليك إلا وضع ذلك الحزام الناسف، وبضغطة صغيرة تصعد روحك للخلود والمجد بعد أن تنجز عملا بطوليا بمرتبة الشهادة الجهادية. فكيف تم اصطياد الابناء الفتية من تلك العائلات دون استثناء؟ بكل بساطة لأننا لم نلتفت كعائلات بمساءلة ابنائنا من هم اصدقائهم وما هي طبيعة تلك العلاقات؟ وماذا يفعلون في خارج بيوتهم او داخل غرفهم؟ وعن ماذا يتحدثون فيما بينهم؟ فنحن ندرك ان اصطياد الشبيبة سهل وهم كثر واعدادهم عريضة، ويكفي ان يلتقط الارهابيون عددا محدودا في كل مجتمع، فالهدف ليس بالضرورة قدرتهم على اسقاط الانظمة واستلام السلطة، وانما تصفية حساباتهم بالانتقام وخلخلة استقرار وامن المجتمعات، وإحداث دوي هائل يترك جرحا بليغا وعاطفيا في تلك التجمعات الانسانية، يسعدهم ان يكونوا إعلام اللحظة المريرة المأساوية، وينسون كل اسماء الضحايا مهما كان عددهم، ليخلدوا اسم صاحب الحزام الناسف، صاحب الوجه البشع ذاك، لانه يمثل وجودهم ومشروعهم. وطالما تركت الشبيبة مهملة ومركونة، في المدارس والتجمعات والبيوت والعائلات، فإن الحصاد المر قائم وقادم ومنتظر، فمن الالاف من الشباب يسهل الحصول على عدد باصابع اليد، وكل واحد منهم يكفي ان يكون مشروعا تدميريا كارثيا قاتلا لابرياء وضحايا، كما شاهدنا قريبا في مسجد الامام الصادق في حي الصوابر بالكويت. في مقالتنا مجزرة القطيف تهز مشاعر البحرين قلنا من غدر بالناس في مسجد القديح بحزامه الناسف لم يكن إلا شابا مهووسا تم غسل دماغه بأنه يمارس عملا استشهاديا وتساءلنا كيف لنا من معالجة الفتنة الطائفية التي تتصاعد وتترسخ بين ظهرانينا، كيف نطوق الثعابين التي تترك بيضها في الجحور والكهوف والعقول المظلمة ؟ وحذرنا في مقالة تكرار جريمة القديح سيناريو محتمل من خطوة قادمة ولا حقة قد تكون اضخم واخطر وقد تكون اعمالا اقل او اكثر في مناطق مختفة مما حدث في القديح، وكل اسم من تلك الاسماء مشروع حزام ناسف. واشرنا بأن الارهاب يدق ابواب المدن الغافلة لتصحو فجأة على ركام لحوم بشرية تسيل وتلطخ الارض والجدران وكتبنا في مقالة مجزرة القطيف عن انها امتداد لكارثة الدالوة وهما حلقتان لن تتوقفان كما نتوهم ـ وحدث كارثة العنود في الدمام ـ فقد تم اختطاف طابور واسع من الشباب والفتيان الصغار وبتنا نحن دول مجلس التعاون متهمين بالتصدير لتلك الوحشية لبلدان اخرى لوثة شبابنا الضائع. واشرنا بأن: ما يحاك ضد الوطن اعمق واوسع مما نتخيله،فاصابع الفتنة واضحة لا تحتاج لذكاء سياسي مميز لتفكيك ابعادها، الفتنة / المؤامرة خارجية ـ داخلية خيوطها ممتدة ومنفذيها ارتدوا وتقنعوا بثياب الطهر المزيف، الاخطبوط الاسود الجديد القادم كشف عن ملامحه الحقيقية، عن رغبة خفية في جر المملكة والمنطقة الى صراع داخلي طاحن فيما لو نجحت تلك اللعبة القذرة (انظر مقالة التشييع الضخم مانيفيستو سيهات التاريخي. واكدنا عن ان الدالوة كانت الشرارة والقديح وحادث حي العنود امتداد لتنفيذ المخطط، الذي بدا لنا منه رأس الجليد. تحت الاحجار هناك بيض ينتظر ان يفقس ورائحة هواء فاسد بيننا لا تستهينوا بصمته ونهجه، فارهاب القرن الواحد والعشرين مختلف في الشكل والمضمون والتفاصيل (انظر مقالة مجزرة القطيف). لهذا نضيف ان حادثة حي الصوابر في الكويت ليست إلا استكمال للمشروع الارهابي الطائفي، وان كل ابن وابنة في كل عائلاتنا من المحتمل ان تتحول الى مشروع حزام ناسف، متى ما تغافلنا عن كل ما يدور حولنا. البحرين لا تخلو من ذلك الحزام المحتمل، وعلى كل مواطن ان يستشعر في داخله حجم المسؤولية دون الحاجة لتنظيرات سياسية ساذجة، فكل فرد فينا بات مهددا من الموت المجاني، وسيكونون ابناؤنا هم قتلتنا، وسنكون ملامين حين نتقاعس عن دفع كل المجتمع بالالتفات الى مفهوم الامن الاجتماعي وعلاقة المجتمع المدني باجهزة الدولة في آلية الدفاع الذاتي، وبكل أهمية السبل المكافحة الايديولوجية والاعلامية والتثقيفية ودور التوعية المجتمعية والعائلية والمدرسية، في سحب فتيل الحزام الناسف قبل انفجاره.