لست بصدد الحديث عن شعر الهجاء بشمولية منذ عهد الشاعر الحطيئة، مروراً بأبرز أسماء الشعراء في العهود اللاحقة من بعده في هذا الغرض من أغراض الشعر الفصيح وصنوه الشعبي، بالقدر الذي أهدف فيه إلى أن شعر الهجاء ارتبط بمسبباته التي انتهت إلى غير رجعة، بعيداً عن المنظور النقدي لتنظير أو تصنيف مستوى القصائد من زاوية أخرى كتلك التي بين الشاعرين جرير والفرزدق، أو كتلك التي دونها الرواة والمؤلفون في الشعر الشعبي وارتبطت بتواريخ سالفة في الزمان والمكان، أمَّا أن تحتوي وسائل التواصل الاجتماعي على توثيقات مؤسفة في «اليوتيوب» لبعض الشعراء وهم يتراشقون بقصائد في هذا الغرض من الشعر؛ فهذا ما لا ينبغي في الدِّين الذي تمّمْ مكارم الأخلاق، أو في الدنيا التي كلنا ضيوف فيها إلى حين. كما أن الشعر ستتداوله الأجيال من بعدنا كما وصلنا شعر من قبلنا، وجاء في -رياض الصالحين- في (باب تحريم سَبّ المسلم بغير حقّ) قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} (58) سورة الأحزاب. وعن أبي ذر رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يرمي رجُلٌ رَجُلاً بالفسق أو الكُفْر، إلا ارتَدَّت عليه، إن لم يكن صاحبه كذلك» رواه البخاري. وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المُتسابَّان ما قالا، فعلى البادي منهما، حتى يعتدي المظلوم» رواه مسلم. «المتسابَّان ما قالا فعلى البادئ منهما أي الرجلان الذي يسبُّ كلٌ منهما الآخر» الإثم فيه على البادئ، إلا أن يتجاوز الثاني قدر الانتصار، فيؤذي الظالم لأكثر مما قاله. وعليه، أدعو إخواني وزملائي الشعراء إلى حذف كل -يوتيوب- له صلة في هذا الشأن لتصفو النفوس بالتسامي عن متابعة هذا الغرض من أغراض الشعر وتبعاته في النفوس، وأكاد أجزم بأن الشعراء الذين تبادلوا الهجاء نادمين عليه، وقد تجاوزوا ظروف مرحلته وتفاصيلها إلى غير رجعة، إن شاء الله. يقول الشاعر المتنبي: لَيْتَ الحَوادِثَ بَاعَتْنِي الذِي أَخَذَتْ مِنِّي بِحِلْمِي الذِي أَعْطَتْ وتَجْرِيْبِي وعلى الصعيد الشخصي يكفل النظام لكل شخص حقوقه، ومن غير المبرر رد التجاوز بمثله حتى لو تمثَّل بقصيدة هجاء (والناس تعرف الكفو واللي ماهو كفو) مع تقديري لقول الشاعر الزبرقان بن بدر: تَعْدُو الذِّئَابُ عَلَى مَنْ لاَ كِلاَب له وَتَتَّقي مَرْبَضَ المُسْتَأسِدِ الضَّارِي وقفة: للشاعر الأمير محمد بن أحمد السديري -رحمه الله-: الطيب ثوبه مع هل المجد ملبوس واضح وبيّن له سلوم وقوانين ما احدٍ يحوشه بالحيالات وفلوس واهل الردى ما حصّلوه بملايين مقالات أخرى للكاتب من قتل الأغنية الشعبية؟! لكل ساعة تدبير خاص الحداوي الشعر الوطني في وسائل التواصل الاجتماعي إِبَاء الشعراء الشعبيين في القصائد العاطفية