صورة الطفل وهو مرمي على أحد شواطئ تركيا إشارة وقحة لانعدام الحس الإنساني لمجتمع القرن الواحد والعشرين. أرجوكم لا تحاولوا أن ترموا الكرة بملعب الإوروبيين بحجة من يموت من أطفالنا يقع على حدودهم كما يتبجح الآخرون، بل إن الأوروبيين برغم تحجج بعضهم بالصعوبات الاقتصادية، إلا أن شعوباً كثيرة خرجت وأنظمة سياسية كبرى كالألمان دعماً لحق اللاجئين بالعيش بسلام. السيئ بحق عديمي الإحساس هنا في المناطق العربية، فهذه الدول منشغلة بنفسها بلا أدنى اعتبار لمشكلة على هذا المستوى، مشكلة صنفتها الأمم المتحدة بأنها أكبر أزمة لاجئين على الإطلاق، غلطان من يعتقد بأن مد يد العون تُعد «خدمة» أو «فضلاً» للإنسان السوري، بل «واجب» أخلاقي لأن القضية ببساطة متعلقة برقبة الإنسان تجاه الآخر لأنه «إنسان». فإن كان هذا الواجب الأخلاقي فهمه الإنسان الأوروبي ويبدو أنه يتحرك انطلاقاً منه، فإن المسؤولية تتعلق بشكل مضاعف على الإنسان العربي لسببين آخرين إضافيين: أنه من نفس القومية وابن عمه في الحسب والنسب، والثاني أن حكومات الإنسان العربي هي المسؤولة المباشرة عما يجري على رأس أولئك الأبرياء، وأخص بالذكر الدول التي شاركت مباشرة بالحروب، وساعدت بالمال ودعمت بالجيوش كي تهدم مجتمعات بأكملها لمجرد أنها لا تبلعها سياسياً. فمن المعيب جداً أن يدعي العرب لأنفسهم الغيرة والحمية على العرض والأهل، ويتوقفوا عن تصديع رؤوسنا بفضيلة الكرم ويسطّروا لأجلها آلاف الأبيات الشعرية أثبتت الأيام أنها مجرد دجل وكلام فاضٍ. بل الاجدر بالشاعر العربي أن يتغزل في فضائل الأوروبيين، وبالبُخل (والجِعْص) والإباحية التي يمتاز بها الإنسان العربي وهو ينظر أمام عينيه مشهد جثث أطفال العرب وماتت من قبله الحمية والشهامة. hasabba@