الإعلام اليوم في العالم له من القوة ما يستطيع به ان يغير معالم العالم، فكيف بالدول التي ان ضعف إعلامها، استطاع الإعلام المناوئ ان كان قوياً يستخدم كل آلياته الحديثة والمتطورة في مواجهتها وان يظهرها بالصورة التي يرغب ان تكون عليها، فالإعلام الامريكي استطاع ان يخدع حتى الشعب الامريكي وان يملء عليه مواقف حتماً هي في غير مصلحته، وليس عنا ببعيد ما صنعه الإعلام العالمي من قناعات بما سمي بالعولمة، والتي نراها اليوم وهي تختفي ولا يعد احد يتحدث عنها، ولا ننسى ما مر قريباً ببلداننا العربية من تلك الثورات التي تمخضت عن تدمير البلاد وتسلط على العباد، ولم تؤد الى تغيير يذكر في كل البلدان التي تعرضت لها مع ان كل الإعلام العالمي يسلط الاضواء ويدعو اليها ليل نهار فلما وقعت وآلت إلى هذه الفوضى، بدأ الدعوة مرة ثانية إلى ثورات جديدة، والقصد الظاهر الا يبقي دولة من دولنا متماسكة، اما التغيير من اجل مستقبل هذه الاوطان المنكوبة قديما بالاستعمار، وحاضرا بمخططات يدعمها إعلام قادر على دفع الناس إلى فوضى عارمة لا تبقي ولا تذر، كما هو الحال اليوم في عدد من اقطارنا العراق واليمن وليبيا، وأخرى تحاول ان تعيد الاوضاع إلى الاستقرار الذي كان من قبل، ولا تزال تحاول تنجح مرة وتفشل أخرى كما في مصر وتونس، واقطار أخرى تتهددها الاخطار ويعمل إعلام عالمي لتأجيج الفتن، وإعلامنا العربي لا يزيد ان يكون إعلاما يقلد الإعلام الغربي ولكنه لا يتقن اساليبه ولا يعمل وفق خطة يمكنه من خلالها ان يحفظ لاقطارنا مقومات الحياة الآمنة والمطمئنة، ليعيش الناس في مجتمعات يسودها مستوى لائق من العدل وتوفير الحقوق، لا تهمل الحديث عن السلبيات ولكن لا تضخمها، وتثني على الايجابيات حقيقة لا مجاملة، اذا انتقدت لا تنتقد إلا الأسباب المعقولة، ولا تثني على ما هو واقع غير ملموس، وحينما تخرج من هذا النطاق تصبح غير ذات تأثير ولا يصغي الناس إليها، لعلمهم أنها لا تتحدث عن واقع، وانما في الغالب تلمع واقعاً مهماً بالغت في تحسينه لا يصدقها أحد، فالإعلام ظل في العالم كله موجهاً لخدمة أغراض متنوعة، وليس هناك كما يزعمون إعلاماً محايداً يذكر الاحداث كما وقعت، ويذكر الواقع كما هو معاش، فهذا الحياد مفقود منذ زمن طويل، ومن يدعي غير ذلك فليس له اطلاع مباشر على هذا الإعلام الذي يتردد صداه في كل أرجاء العالم، وكنا نتمنى ونحن اصحاب حضارة ندعي أنها راشدة لأن أصلها فلسفة دينية جاء بها وحي من الله، تأمر بالصدق وتنهي عن الكذب، تجرم التزييف والتزوير، وتعترف بالحقيقة وتقدم الأوهام، لكن إعلامنا العربي والإسلامي لم يخرج عن دائرة هذا الإعلام العالمي الذي يتخذ أداة لتغيير الأوضاع في مصلحة صانعيه ومن يمتلكون أدواته، وعن طريقه يظنون أنهم سيغيرون أوضاع العالم، فإعلامنا وفي يوم الناس هذا لا يخدم قضايانا ولا ينقل إلى الناس واقعنا، بل هو يزيفه للعالم ويدعي واقعاً غير موجود، ولهذا فالإعلام الخارجي يكتسب مصداثقية حتى في داخل دولنا، لأن إعلامنا حتى في هذا التزييف لا يرقى لما يزيفه العالم للأوضاع ويوجه الناس بالثورة عليها أو قبولها ورغم أن إعلامنا العربي لا يخاطب سوانا فهو في الأعم الأغلب لا يقنعنا بطروحاته التي تريد اقناعنا بواقع لا نعيشه. فهل لنا أن نطالب مؤسسات الإعلام في أوطاننا العربية والمسلمة أن تتخلى عن أساليبها التي اصبحت بالية، وتهتم ببلداننا وما يجري على أرضها لا تزيفها ولا تقنعنا أن نعيش أوضاعاً زاهية جميلة، ونحن نعاني في شتى مجالات الحياة في أوطاننا وأن نواجه الإعلام الأجنبي الذي يحاول خدمة أغراض صانعيه من القوى المهيمنة اليوم على العالم، والتي تريد أن تجعل منا تابعين لها باستمرار مستفيدة من ثرواتنا وتزيد أوضاعنا سوءاً فهل تفعل هو ما أرجوه والله ولي التوفيق. ص. ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043