في ظل ندرة الوظائف ووفرة الوقت وجد بعض المهرة في التكنولوجيا من سكان غزة سبيلا جديدا لكسب المال من خلال التسلل إلى خطوط الهاتف التي تعتمد على الإنترنت وتحويل المكالمات الدولية مقابل رسوم. والتسلل إلى خدمات الاتصالات الصوتية عبر بروتوكول الإنترنت أصبح ظاهرة منتشرة منذ سنوات. لكن قطاع غزة - الذي يجد نفسه معزولا - بدأ يقتحم هذا النشاط مستغلا أقوى وسيلة اتصال له بالعالم الخارجي ألا وهي الإنترنت. وثمة وسائل مختلفة للتسلل إلى شبكات خدمات الاتصالات الصوتية عبر بروتوكول الإنترنت، لكن أناسا على دراية بهذا النشاط في غزة يقولون إنه يشمل استخدام خوادم متخصصة لجمع أكبر عدد ممكن من عناوين الاتصالات الصوتية عبر بروتوكول الإنترنت لا سيما للشركات والمؤسسات الكبرى. بعد ذلك تأتي عملية تستغرق وقتا طويلا يتم خلالها تجربة تركيبات محتملة لأسماء المستخدمين وكلمات السر مع العناوين. ونظرا لأن الناس لا يغيرون عادة بياناتهم الافتراضية فإن اختراق كثير من تلك الحسابات يصبح مسألة وقت فقط. عندئذ يصبح الخط وأي أرصدة مرتبطة به تحت سيطرة المتسللين. ويقوم المتسللون بعد ذلك ببيع خدمة الاتصال إلى طرف ثالث -يكون في بعض الأحيان نشاطا تجاريا مشروعا وفي أحيان أخرى يكون متسللا إلى خدمات الاتصالات الصوتية عبر بروتوكول الإنترنت -ويحصلون على المقابل من خلال تحويلات نقدية إلكترونية. وبالنسبة لأولئك الذين ينشطون في هذا العمل في قطاع غزة حيث يعيش 1.8 مليون شخص يمثل هذا فرصة لاستغلال المهارات التقنية لكسب المال في وقت شحت فيه الوظائف ويحوم فيه معدل البطالة حول 50 بالمئة. وقال متسلل يبلغ من العمر 25 عاما ويعمل من منزل في جنوب غزة لرويترز ماذا تريد أن أفعل؟ أموت أم أبحث عن طريقة للعيش؟ وطلب المتسلل هو وآخرون عدم الكشف عن أسمائهم. وبوسع المتسلل الناجح أن يجني الكثير. ويقال إن بعضهم يكسب مايصل إلى 50 ألف دولار شهريا إذا نجحوا في السيطرة على خطوط جيدة لكن من الممكن أيضا أن تمضي أسابيع دون أن يربحوا أي شيء. وقال المتسلل البالغ من العمر 25 عاما إن هدفه هو جمع ما يكفي من المال ليتزوج مثل كل أصدقائي الذين في مثل عمري. لكنه تهرب منالرد على أسئلة بشأن الوضع القانوني لأنشطته. ومضى يقول يمكن أن تسمي هذا سرقة. لكن هذه الشركات في الخارج لديهم تأمين. وعمليات الاحتيال المرتبطة بالاتصالات الصوتية عبر بروتوكول الإنترنت نشاط تجاري كبير. وتدرج رابطة مكافحة الاحتيال بقطاع الاتصالات (سي.إف.سي.إيه) وهي هيئة أميركية معنية بالقطاع عمليات الاحتيال تلك ضمن أكثر خمس وسائل للاحتيال إذ تسببت في خسائر قدرها 3.62 مليار دولار في 2013 وهي أحدث بيانات متاحة. وقال مصطفى طوطح وهو محام مقيم في غزة لرويترز إن من الصعب اتخاذ إجراءات مشددة ضد هذا النشاط نظرا لعدم تقديم شكاوى محددة وهو سبب أشارت إليه الشرطة المحلية أيضا. وفي واقع الأمر فإن عزلة غزة ربما توفر أفضل حماية للمتسللين. وفي بعض الحالات اعتقل أشخاص قاموا بهذا النشاط عندما دخلوا بلدا بيعت فيه أو استخدمت عناوين بروتوكول الإنترنت التي حصلوا عليها بشكل غير قانوني. لكن فرص حدوث هذا ضئيلة نظرا لأن قليلين فقط هم من يتمكنون من الدخول إلى القطاع أو الخروج منه بسهولة.