أحمد مراد (القاهرة) عندما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، كان الصحابي الجليل زيد بن ثابت ما زال صبياً صغيراً لم يتجاوز عمره 11 عاماً. ومنذ صغره عرف زيد بالذكاء والنجابة، وكان حافظاً لبيباً عالماً عاقلاً، وثبت عنه في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يتعلم كتاب اليهود ليقرأه على النبي إذا كتبوا إليه، فتعلمه في خمسة عشر يوماً، وفي هذا الشأن يقول زيد: ذهبوا بي إلى رسول الله، فقالوا يا رسول الله هذا غلام من بني النجار معه مما أنزل الله عليك بضع عشرة سورة، فأعجب ذلك رسول الله وقال: «يا زيد تعلم لي كتاب يهود، فإني والله ما آمن يهود على كتابي»، وقال: فتعلمت كتابهم ما مرت خمس عشرة ليلة حتى حذقته، وكنت أقرأ له كتبهم إذا كتبوا إليه، وأجيب عنه إذا كتب. ذات مرة سأله النبي صلى الله عليه وسلم: «أتحسن السريانية؟» قال: لا، قال: «فتعلمها فإنه تأتينا كتب بها»، قال زيد: فتعلمتها في سبعة عشر يوماً، قال الأعمش: كان الرسول صلى الله عليه وسلم تأتيه كتب لا يشتهي أن يطلع عليها إلا من يثق به، من هنا أطلق على زيد بن ثابت لقب ترجمان الرسول. وكان الصحابي الجليل زيد بن ثابت أحد أبرز كتبة الوحي القرآني، وقد كتب بعض رسائل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك يدعوهم فيها إلى الإسلام. ذكر الحلبي في السيرة بأن زيداً ومعاوية ملازمان للكتابة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوحي وغيره، لا عمل لهما غير ذلك. وقد روى أنس بن مالك عن رسول الله أنه قال: أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدها في دين الله عمر، وأصدقها حياء عثمان، وأقضاهم علي بن أبي طالب، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأعلمهم بالفرائض زيد بن ثابت، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح». ... المزيد