إن النكاح من أعظم السبل لتحقيق مقاصد الشريعة العظمى لما فيه من إحصان الفرج، وتكثير النسل، وبناء الأسرة التي هي اللبنة الأولى في المجتمع، ولذا ورد الأمر بالنكاح والزواج في كثير من الأيات والأحاديث ومن ذلك قوله تعالى (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على تيسير الزواج وعدم المغالاة في المهر، ولما لتيسير أمور الزواج وخفض المهور من فوائد وغايات عظيمة فقد جاء في مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة. ولقد انتشرت في مجتمعاتنا العديد من المخالفات الشرعية في الزواج من غلاء في المهور وإسراف وتبذير ومطالب ترهق راغبي الزواج مما ترتب عليها تأخر في سن الزواج وسجلت ارتفاعات كبيرة تضر بالمجتمع، والمسابقة في التوسع في الولائم بتجاوز الحدود المعقولة وتعدادها قبل الزواج وبعده وما صاحب ذلك من أمور محرمة تدعو إلى تفسخ الأخلاق من غناء ومباشرة ودخول الرجال على النساء في الأعراس مما يعد من أفحش المنكرات ولما يسببه الانزلاق في هذا الميدان من عجز الكثير من الناس عن نفقات الزواج فيجرهم ذلك إلى الزواج من مجتمع لا يتفق في أخلاقه وتقاليده مع مجتمعنا فيكثر الانحراف في العقيدة والأخلاق بل قد يجر هذا التوسع الفاحش إلى انحراف الشباب من بنين وبنات، كما أن هناك دارسات تشير إلى كثرة الطلاق بسبب بحث المتزوجين عن طرق للزواج ظانين فيها التيسير في الزواج عن طريق الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي للبعد عن غلاء المهور مما فاقم الأمر وجعل بعض الزيجات تنتهي بالطلاق والبعض منها ما زال ينظر في أروقة المحاكم، ولا شك أن المغالاة في المهور تشتمل على كثير من المفاسد منها: انتشار العنوسة بين الجنسين، وإثقال كاهل الأسرة بديون يرزحون تحت وطأتها مدة طويلة، وقد يؤدي الأمر إلى انفصال عرى الزوجية بسبب ذلك، إلا أنه لا سبيل إلى تحديد ما أطلقه الشرع ولم يحدده، وقد ذكر بعض أهل العلم أن لولي أمر المسلمين أن يقيد المسائل المشروعة مراعاة للمصلحة.