×
محافظة المنطقة الشرقية

واشنطن: قانون التظاهر لن يساعد مصر في تحولها نحو الديمقراطية

صورة الخبر

ردود الفعل الواسعة التي أحدثتها محاولة قتل الطالبة الباكستانية ملالا يوسف زاي، لإصرارها على مواصلة تعليمها على رغم تهديدات «طالبان»، دفعت الصحافية نلوفار هيدايت من «بي بي سي» إلى التفكير في إعداد برنامج تلفزيوني يتحقق من وجود كثير من الفتيات الشجاعات اللواتي يسرن على خطاها ويتحدين الموت من أجل إكمال تعلميهن. ليس التحقق من هذا وحده ما حفّز هيدايت على السفر إلى واحدة من أخطر المناطق في العالم، بل المشتركات «الشخصية» أيضاً، فالصحافية ذات الأصول الأفغانية حملتها أمها يوم كان عمرها عاماً واحداً معها هرباً من معارك وادي سوات إلى منطقة بيشاور الباكستانية، وبسبب ضغوط «المجاهدين» اضطرت للهجرة إلى بريطانيا. ولهذا تشعر أنها لو استمرت في العيش هناك لكانت واجهت مصير ملالا التي ألهمت شجاعتها الكثير من الباكستانيات وصارت لهن قدوة، وهذا ما أرادت هيدايت تسجيله في برنامجها «عيار ناري.. بسبب الذهاب إلى المدرسة» الذي عرضه التلفزيون السويدي ضمن برنامج «وثائقي من الخارج». حال وصولها إلى مدينة إسلام آباد التقت الصحافية البريطانية فتاة اسمها هينا خان وعمرها 18 سنة، جاءت من وادي سوات قبل ست سنوات بعد تلقيها وعائلتها تهديدات من «طالبان» بقتلها إذا أصرت على الذهاب إلى المدرسة. روت لها عن ممارساتهم المخيفة، وكيف كانوا يطلقون النار على الطلبة حال وصولهم إلى المدرسة، وكيف لا يتوانون عن نسفها إذا أصرّ مديرها على إبقاء أبوابها مشرعة للطلاب. والحال أن «طالبان» فجروا أكثر من ألف مدرسة في المنطقة قبل سيطرة الجيش عليها، وهذا ما دفع نلوفار للتأكد بنفسها، فقررت السفر برفقة حماية من الشرطة إلى مدينة سوابي التي تبعد 100 كلم عن العاصمة، حيث أغلقت المدارس هناك أبوابها بالكامل، بعدما نسف «المجاهدون» أكثر من ثمانين مدرسة فيها وقتلوا ست معلمات منها وعدداً من الممرضات. وستكتشف الصحافية في طريق رحلتها إلى المنطقة الشمالية أن عملية إيقاف التعليم الحكومي تسير وفق خطة مبرمجة وضعها قادة «طالبان» وأن أي خطوة معاكسة لخطتهم تواجه بأقصى درجات العنف، ومع هذا فما زال عدد من الفتيات يذهبن إلى المدارس، في مناطق متفرقة هناك، متحديات خطر «الموت». واحدة من أكثر المقابلات تشويقاً في البرنامج كانت تلك التي التقى فيها فتاتين كانتا مع ملالا لحظة إطلاق النار عليها. التفاصيل التي قدمتها كانيات رياض وشازيا رمضان عن الحادثة تكشف كيف أن «طالبان» كانوا يستهدفون ملالا بالتحديد، فالرجل المسلح الذي صعد إلى «الميني باص» الذي كان يقل الطلاب من المدرسة إلى البيت سأل عنها بالاسم. وحالما تعرف إليها بدأ بإطلاق النار الذي أصابها وأصاب الطالبتين بجروح أيضاً، ومع هذا فهما عازمتان على الاستمرار في الدراسة متناسيتين من أجل مستقبلهما الجروح التي ما زالت آثارها باقية على جسديهما، و «الميني باص» تحول اليوم إلى «متحف» يزوره طلاب المدارس وكل من يريد معرفة المأساة التي شهدها. اتجهت الصحافية هديايت بعد زيارة الشمال المتوتر إلى كراتشي في الجنوب لمعرفة ما يجري هناك، وكيف هي حال المدارس فيها. لاحظت أن ثمة تمدداً لـ «طالبان» في الأحياء الفقيرة منها وأنهم كما في بقية البلاد بدأوا إغلاق المدارس العامة وأطلقوا النار على طلابها. زار البرنامج الجرحى في المستشفيات وأجرى مقابلات مع أهالي الطلاب المصابين الذين ربطوا بغالبيتهم بين تعليم أبنائهم وبين الفقر. فالتعليم بالنسبة اليهم هو المستقبل وهو من سيخلصهم من فقرهم، والكثير من الفتيات مصرات على الذهاب إلى المدارس على رغم تهديدات المتشددين القوية. لقد توصلن إلى نتيجة مفادها: أن ملالا لم تقد نضالاً ضد الإسلام كما تشيع «طالبان» بل من أجل ضمان حق التعليم وأن الإسلام نفسه أوصى بأهمية تلقيه. في «الجامع الأحمر» الذي شهد مواجهات عنيفة بين المتشددين من طلابه وبين رجال الجيش عام 2007، سمعت هــدايت الكـــلام ذاته تقــريباً من شيــخ الجــامع وزوجته التي تشرف على التعليم الإســلامي فيه، ولكن بفارق نوع التــعليم. فالجامع يريد أن يكون دينـــياً والدولة تريـــده عاماً، ومع أن الشيــــخ اعتبــر محاولة قتل ملالا خـــطأ فأنه اعتبر خطابها ليبرالياً ولهذا السبب يؤيدها الغرب. على نقيضه، سمعت الصحافــية الكثير من الكلام من فقراء افترشـــوا الــساحات من أجل الحصول على التعليم واعــتبروا ملالا محقة في موقفها وأن الكثير من الفتيات ما زلن يقاومن الخوف بقناعة راسخة بأن التعليم هو المدخل إلى المـــستقبل وأنهن بموقفهن هذا لا يردن «محاربة الإرهاب» بل المــطالبة بحـــقهن المصان بالتعلم وأنهن يضحين بكل شيء في حياتهن من أجل الذهاب إلى المدرسة.