بروكسل: عبد الله مصطفى اتفق قادة منطقة اليورو التي تضم 17 دولة وتتعامل بالعملة الموحدة، خلال تصريحات لهم في الساعات القليلة الماضية، على أن المنطقة في طريقها للخروج من الأزمة التي تعاني منها منذ سنوات. وقالوا أيضا إنه لم يعد هناك أي مخاطر لتفشي الأزمة المالية في منطقة اليورو وأكدوا أن اليورو مستقر والأسواق المالية لم تعد قلقة على مستقبل منطقة اليورو، ولم يعد هناك أي خطر لانتشار العدوى. وفي الوقت نفسه، شدد رئيس الوزراء اليوناني أنطونيوس ساماراس على أن بلاده لا تحتاج إلى حزمة إنقاذ جديدة. من جانبه، قال يورج إسموسن عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي إن البنك الذي خفض أسعار الفائدة إلى مستوى قياسي في وقت سابق هذا الشهر مستعد لاتخاذ المزيد من الإجراءات عند الحاجة، وإن من بين الأدوات التي تحت تصرفه أسعار فائدة سلبية للودائع. وفي بروكسل قال رئيس مجموعة اليورو جيروين ديسلبلوم، إن منطقة اليورو في طريقها للخروج من الأزمة، وإن علامات الانتعاش الاقتصادي أصبحت أكثر وضوحا، وأشار في تصريحات عقب اختتام اجتماع استثنائي لوزراء المال في دول مجموعة اليورو انعقد ببروكسل نهاية الأسبوع الماضي إلى أن الجهود في منطقة اليورو تتركز حول ضمان النمو الشامل والمستديم ومواجهة التحديات بطريقة هيكلية، وقال «حدث تقدم مثير للانتباه في المالية العامة، وهناك إشارات على نجاح جهود ضبط المالية العامة حيث من المتوقع أن يستقر مستوى الديون في 2014 وينخفض العجز إلى أقل من 3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للمرة الأولى منذ عام 2008». وتعاني المنطقة منذ ذلك الوقت مما يعرف بأزمة الديون السيادية التي انطلقت من اليونان وشملت دولا أخرى ومنها آيرلندا والبرتغال وغيرهما وواجهت دول أخرى صعوبات في القطاع المالي والبنكي ومنها إسبانيا وقبرص. وبعد أن أشار ديسلبلوم إلى النقاط الإيجابية الأخرى ومنها الفائض في الحساب الجاري وتحسين القدرة التنافسية في جميع أنحاء منطقة اليورو اعترف رئيس مجموعة اليورو بأن البطالة للأسف لا تزال مرتفعة وفي بعض البلدان لا تزال مرتفعة بشكل غير مقبول. ولكن الإصلاحات جارية لتحسين أداء أسواق العمل مع الاعتراف بوجود فجوة زمنية بين تحسين الاقتصاد وزيادة معدل العمالة، ولكن في الوقت نفسه فإن نمو العمالة في السنوات الأخيرة مماثل لأجزاء أخرى من العالم المتقدم. وكان الاجتماع الاستثنائي، حسب ديسلبلوم، قد خصص لمراجعة موازنات 13 دولة من الدول الأعضاء في منطقة اليورو، فضلا عن الوضع المالي وآفاق منطقة العملة الموحدة بشكل عام. وشدد المسؤول الأوروبي على أهمية تعزيز التنسيق ومراقبة السياسات المتعلقة بالموازنات داخل منطقة اليورو، من خلال تقييم الموازنات قبل اعتمادها من البرلمانات الوطنية، وهو ما يعزز الشفافية بين سياسات الدول الأعضاء المتعلقة بالموازنات، وشدد أيضا على أهمية الإصلاحات الهيكلية، وأشار إلى أن خطط الموازنات التي قدمت من ألمانيا ولوكسمبورغ والنمسا جاءت من حكومات انتهت ولايتها وستقوم الحكومات الجديدة بتحديث تلك الخطط، وسوف نقوم بالنظر من جديد في الخطط الجديدة بعد أن تخضع لتقييم من المفوضية الأوروبية، أما بالنسبة لدول أخرى ومنها إسبانيا وإيطاليا ومالطا وفنلندا، فقد طالب الاجتماع من حكومات تلك الدول إجراءات إضافية حتى تتوافق موازناتهم بشكل كامل مع المطلوب، وقد أظهر الوزراء من تلك الدول الالتزام الكامل بمعالجة أي مخاطر ويخططون لاحترام كامل لقواعد الموازنة. وبالنسبة لمالطا فقد جرى اعتماد مجموعة من التدابير في سياق موازنة 2014، وبالنسبة لإيطاليا فهناك تدابير هي في طور التنفيذ ومنها مراجعة الإنفاق وخطة الخصخصة وتدابير ضريبية، وفي إسبانيا يجري حاليا الإعداد لتدابير جديدة في إطار برنامج إصلاح وطني بما في ذلك جولة ثانية لإصلاح سوق العمل، كما أن هناك تدابير جديدة سيعلن عنها في فنلندا. وفي نفس الإطار، قال وزير المالية الألماني فولفغانغ شيوبله السبت إنه لم يعد هناك أي مخاطر لتفشي الأزمة المالية في منطقة اليورو، بينما شدد رئيس الوزراء اليوناني أنطونيوس ساماراس على أن بلاده لا تحتاج إلى حزمة إنقاذ جديدة. وقال شيوبله إن الإنجازات التي حققتها اليونان على مدى الثمانية عشر شهرا الماضية جديرة بالاحترام بما فيها تحقيق نمو فاق التوقعات وإحراز تقدم في تقليص العجز في ميزانيتها. وأشار أيضا إلى انخفاض الفارق بين عوائد السندات الألمانية واليونانية. وأضاف شيوبله أن الأزمات الحكومية ومفاوضات تشكيل الائتلاف لم تعد تهدد بتفشي العدوى في منطقة اليورو ككل، من دون أن يوضح الدولة أو الدول التي يشير إليها. وقال شيوبله في مؤتمر نظمته صحيفة «سودويتشه تسايتونغ» الألمانية في برلين إن «اليورو مستقر والأسواق المالية لم تعد قلقة على مستقبل منطقة اليورو ولم يعد هناك أي خطر لانتشار العدوى». وأكد رئيس الوزراء اليوناني في المؤتمر أن بلاده ليست بحاجة إلى حزمة إنقاذ جديدة بل كل ما تحتاجه هو الوفاء بشروط برنامجها الحالي. وتقول أثينا إنها ستخرج العام المقبل من ركود اقتصادي استمر ست سنوات، وضاعفت توقعاتها لفائض الميزانية هذا العام قبل استقطاع مدفوعات الفائدة. ويعكف المقرضون الدوليون على إجراء أحدث مراجعاتهم لأداء اليونان بخصوص تلبية أهداف الإصلاح. ومن شأن تسجيل فائض في الميزانية قبل مدفوعات الفائدة أن يفسح المجال أمام اليونان لطلب تخفيف أعباء ديونها. وقال ساماراس «أعتقد أن هذا كاف. لا نحتاج إلى شيء آخر. لسنا بحاجة إلى برنامج جديد وإنما علينا فقط الالتزام بهذا البرنامج». وبعد مراجعة الاقتصاد اليوناني على مدى أكثر من شهرين لم يوافق المقرضون بعد على تقديم الشريحة التالية من حزمة الإنقاذ المخصصة لليونان حيث اختلفوا مع أثينا بشأن حجم الفجوة المالية للفترة 2014-2015 وكيفية سداده. ومن المقرر أن يعود مسؤولون من المقرضين الدوليين - وهم المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي - إلى اليونان في أوائل ديسمبر (كانون الأول). وقال ساماراس «أعتقد أننا نحتاج في هذه المرحلة إلى استكمال العمل بحلول نهاية العام بالحصول على موافقة الترويكا (المقرضين الدوليين) على الشريحة التالية». وشدد رئيس الوزراء على أن اليونان ليست بحاجة إلى مزيد من الوقت لتقليص ديونها. وقال «في هذه المرحلة أسير بخطى سريعة للغاية.. لا أحتاج وقتا للانتظار». وتواجه أثينا مدفوعات سندات قيمتها 1.85 مليار يورو (2.5 مليار دولار) في مطلع يناير (كانون الثاني). وقالت اليونان الأسبوع الماضي إنها ستسجل فائضا أوليا في الميزانية قبل مدفوعات الفائدة هذا العام يعادل 0.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. لكن بموجب شروط حزمة الإنقاذ الدولية يجب على اليونان زيادة الفائض إلى 4.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2016. وكانت أثينا قالت إنها ستفي بهذا الهدف من دون اتخاذ المزيد من إجراءات التقشف التي لا تلقى قبولا شعبيا بفضل تعافي الاقتصاد وتحسن نظام تحصيل الضرائب. غير أن المقرضين الدوليين يشددون على ضرورة أن تتبنى أثينا المزيد من التخفيضات لشكهم في مدى إمكانية تحسن الوضع المالي اليوناني بفعل التعافي الاقتصادي ومكافحة التهرب الضريبي. وقال بول تومسن رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى اليونان، إن هناك مجالا لتبني حل وسط لأن اليونان ومقرضيها متفقون على ضرورة تجنب الإجراءات الشاملة التي قد تضر باقتصاد البلاد. ونقل عن تومسن قوله في مقابلة مع صحيفة «كاثيميريني» إنه ستكون هناك حاجة إلى مزيد من الإجراءات في 2014-2016 لكنها ستكون على نطاق أضيق بكثير مما سبق. ويفهم من الإجراءات المالية «الشاملة» بصفة عامة أنها إجراءات مالية تؤثر على جميع السكان من دون تمييز مثل الزيادات في الضرائب أو تخفيضات في أجور العاملين بالقطاع العام ومعاشات التقاعد. من جهة أخرى، قال يورج أسموسن عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي، إن البنك الذي خفض أسعار الفائدة إلى مستوى قياسي في وقت سابق هذا الشهر مستعد لاتخاذ المزيد من الإجراءات عند الحاجة، وإن من بين الأدوات التي تحت تصرفه أسعار فائدة سلبية للودائع. وخفض «المركزي الأوروبي» سعر فائدة إعادة التمويل إلى 0.25 في المائة في اجتماعه في السابع من نوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن تراجع التضخم في دول العملة الأوروبية إلى 0.7 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، وهو ما يقل كثيرا عن المستوى الذي يستهدفه البنك والبالغ نحو 2 في المائة. وقال أسموسن في مؤتمر في برلين «سنتخذ المزيد من الإجراءات إذا كانت ضرورية لضمان استقرار الأسعار في منطقة اليورو بأكملها». وأضاف أن سعر فائدة سلبيا للودائع هو «أداة ممكنة من الناحية النظرية»، لكنه قال إنه سيكون حذرا جدا في استخدام هذه الأداة. وكان ماريو دراجي رئيس «المركزي الأوروبي» قد أثار بعد الاجتماع السابق للبنك إمكانية استخدام أسعار فائدة سلبية، لكنه قلل من هذا الاحتمال لاحقا. وجدد أسموسن القول إن «المركزي الأوروبي» سيبقي سياسته النقدية التوسعية سارية ما دامت هناك حاجة إليها. وقال أيضا إن السياسة النقدية ليست بديلا عن الإصلاحات الهيكلية. وقال وزير المالية الألماني فولفغانغ شيوبله الأسبوع الماضي إن السياسة النقدية التيسيرية التي يتبعها «المركزي الأوروبي» تخاطر بإعطاء الحكومات حافزا لإبطاء إصلاحاتها. ومتحدثا في نفس المؤتمر، حذر يورغن فيتشن رئيس مصرف «دويتشه بنك» الألماني من عواقب إبقاء أسعار الفائدة منخفضة لفترة طويلة. وقال إنه يتفهم أن السياسة النقدية ينظر إليها حاليا على أنها أداة قد تحفز النمو وتقلل الأعباء المالية على الدول، لكنه أضاف أن «أولئك الذين يعتقدون أنهم يمكنهم حل المشاكل عن طريق أموال رخيصة لفترة طويلة لا يمكن مساعدتهم».