أموال ضخمة ننفقها وبشكل مستمر لعلاج الأورام الخبيثة، سواء من خلال مستشفيات الداخل ضمن ميزانيات وزارات الصحة، أو ضمن ميزانيات سفاراتنا في الخارج، ناهيك بالحالات الأخرى التي يتكفل بنفقاتها بعض رموز المجتمع وبفواتير تدفع بسخاء وصمت تحت تأثير مشاعر إنسانية.. ودون أن تأخذ حقها من المحاسبة والتدقيق. سؤالي: لماذا لا ننفق على الطب الوقائي وبرامج الكشف المبكر لهذا المرض؟! فالكشف المبكر يقي منه بنسبة 95%، بينما أثبتت الدراسات أن ثلثي حالات الإصابة في السعودية تكتشف بعد انتشار المرض. ولماذا لا نشارك في بحوث الوقاية منه وجهود علاجه، لنشارك في المسؤولية الإنسانية العالمية؟ كما هي مشاركتنا في رفع معاناة الجفاف والفيضانات والزلازل والكوارث الطبيعية الأخرى! فالتقارير والإحصائيات تتحدث عن ارتفاع مخيف لدينا في معدل الإصابة بهذا المرض، بل إن كل إنسان معرض للإصابة بالسرطان! وتقرير المستشفى المتخصص يشير إلى أن هناك ألف حالة إصابة بمرض السرطان يجري اكتشافها في السعودية شهريا (معظمها فجأة!). كما سجلت الجمعية السعودية للسرطان في عام 2013 عدد (13000) حالة، وأن نسبة نمو المرض في السعودية تزيد ثلاثة أضعاف على نسبة النمو العالمية، وأن السعودية تنفق سنويا نحو 900 مليون ريال على تشخيص وعلاج هذه الحالات، في حين يبلغ حجم مبيعات أدوية السرطان بكل أنواعه ما يقارب ملياري ريال في العام الواحد. وهناك مصادر علمية متخصصة تؤكد خطورة الوضع مثل «The Cancer Incident report in Saudi Arabia». وأجزم بأن هناك حالات لم تشملها الدراسات، ربما سافرت للعلاج في الخارج دون حصرها، أو أنها توفيت قبل ذلك. والوضع يبدو خطيرا وبحاجة إلى وقفة جادة.. فما من بيت أو أسرة إلا ونعت لها قريبا أو صديقا! نحن بحاجة ماسة اليوم إلى التأكد: هل نحن ضمن المعدل الطبيعي العالمي خلال السنوات الماضية في ظل المعطيات المتاحة لنا، ونسلم بالأمر؟ أم نقتنع بأن لدينا مشكلة يجب معالجتها ونسعى من منطلق وطني وإنساني واقتصادي واجتماعي لبحث أسبابها؟! فقد تكشف الدراسة المحلية عن سر غاب عنا، ربما تكون في مياه الشرب أو الأوعية الني تعبأ فيها أو في منتجاتنا الزراعية من الخضراوات والفواكه، أو التي نستوردها من بعض البلدان أو في تلوث الجو بمدننا بسبب المدن والمجمعات الصناعية، أو في عادم سياراتنا، أو في المصانع والكسارات داخل وعلى أطراف مدننا أو غير ذلك. ختاما.. أتمنى إجراء دراسة تحصي كم يكلفنا هذا المرض، ونخصص نسبة إضافية للبحث عن أسبابه وسبل الوقاية منه. * كاتب ومحلل مالي