منذ بسط "جيش الفتح" التابع للمعارضة السورية المسلحة سيطرته على إدلب بقيت بلدتا كفريا والفوعة في شمال شرق المحافظة تحت سيطرة الجيش السوري والميليشيات التي تقاتل إلى جانبه، وتدخلت إيران للمرة الأولى بشكل علني في التفاوض بشأن تلك البلدتين مع أحد فصائل المعارضة السورية. مع استحالة الحسم العسكري من قبل القوات الحكومية والمسلحين الموالين لها في كفريا والفوعة المحاطتين بالكامل لمناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، أجبرت إيران التي أصبحت تفاوض بالعلن بالنيابة عن النظام السوري على التفاوض مع المعارضة المسلحة في صفقة تشمل قريتي كفريا والفوعة ومدينة الزبداني التي تسيطر عليها المعارضة شمال غربي دمشق. المفاوضات التي جرت بين حركة أحرار الشام من طرف المعارضة السورية المسلحة ومفاوضين إيرانيين تركزت على سماح المعارضة المسلحة بمغادرة المدنيين لبلدتي كفريا والفوعة مقابل سماح الجيش السوري وميليشيات حزب الله الذين يحاصران الزبداني بخروج مسلحي المعارضة منها بالإضافة إلى كل سكانها المدنيين. ورغم أن الطرفين توصلا لهدنتين في كفريا والفوعة والزبداني إلا أن المطلب الإيراني في إفراغ الزبداني من أهلها أدى إلى انهيار المفاوضات، وأثار مخاوف لدى المعارضة وداعميها من رغبة إيرانية في تغيير التركيبة الديموغرافية للمنطقة القريبة من الحدود اللبنانية. وتشير التقديرات إلى أن عدد سكان بلدة كفريا يبلغ 15 ألف نسمة في حين يتجاوز عدد السكان في قرية الفوعة 35 ألف نسمة جميعهم من الطائف الشيعية، الأمر الذي جعل القريتين مقرا لبعض قوات حزب الله اللبناني والميليشيات المساندة للقوات الحكومية بسبب دوافع طائفية، حسب ناشطين. وجرى تبادل الاتهامات بين سكان البلدتين ومحيطهم من القرى والمدن ذات الأغلبية السنية في ريف إدلب إذ كان هناك نوع من التعايش والتآخي في تلك المنطقة قبل اندلاع الأحداث في البلاد، وبات كل فريق يتهم الآخر باستهدافه والسعي لتغيير ديموغرافي وتطهير طائفي. وأدى الانهيار الأخير للمفاوضات حول البلدتين والزبداني إلى ارتفاع وتيرة الأعمال العسكرية، حيث كثف الجيش السوري وحزب الله قصفه على الزبداني وقالت مصادر موالية للحكومة السورية إن الجيش والمقاومة اللبنانية سيطروا على كتل سكنية جديدة في الزبداني. من جهة أخرى، سيطر جيش الفتح على بلدة الصواغية التي تشكل خط الدفاع الأخير عن بلدة كفريا وساهم ذلك في دخول قوات المعارضة أطراف تلك البلدة، واستمر مسلحو المعارضة بقصف الفوعة بعشرات القذائف.