×
محافظة المنطقة الشرقية

الهويش حكما لمباراة الملحق

صورة الخبر

إذا أردت أن تتعرف على أحد الأسباب التي تغذي كراهية الإيرانيين للعرب ففتش عن المناهج الدراسية التي تلعب دوراً هاماً وبارزاً في حياة البشر فهي الأداة الفعالة التي تستخدمها المجتمعات في بناء وتشكيل شخصية الأفراد المنتمون لها وفقاً لفلسفاتها وثقافاتها ومعتقداتها، وتعكس تطلعات وطموحات هذه المجتمعات وآمالها في أجيالها الصاعدة، فالمناهج المدرسية ما هي إلا وليد المجتمع بل إنها تعكس ثقافة المجتمع بكل عناصرها (المعتقدات الدينية، العادات، التقاليد، أنماط التفكير والسلوك، أساليب التربية). وقد عمدت إيران إلى تغذية روح الكراهية في أجيالها تجاه العرب عبر إصدارها كتبا دراسية رسمية تتضمن أفكارا وصورا ساخرة من العرب وتاريخهم، وزرع الطائفية في عقول الناشئة، منها كتاب يوزَّع على طلبة الصف التاسع، ويوضع بالغلاف رجلٌ عربي يمتطي الجمل ويقف بجانب الإشارة الضوئية، إيحاء للطلاب بأن العربي مغفل وجاهل. وكان مركز أمية للبحوث والدراسة الاستراتيجية سلط الضوء على كتاب بعنوان: «صورة العرب في الكتب المدرسية الإيرانية» للدكتور نبيل العتوم، رئيس وحدة الدراسات الإيرانية بالمركز، والذي يُعد دراسة استقصائية قام بها المؤلف في وقت سابق، ونشرها المركز. وكشف الكتاب عن الملامح الصريحة والضمنية لـ»صورة العرب» في المناهج الدراسية الإيرانية، وتحديدًا في المراحل الثلاث الأولى: «الابتدائية والإعدادية والثانوية». ويرى الكتاب أن مؤلفي هذه الكتب المدرسية من أصحاب النفس المذهبي، ورواد المدرسة القومية الإيرانية التي تربطهم بوجهة النظر القومية - مذهبية روابط عميقة الجذور، إذ تحتفي تلك الكتب بمنجزات الحضارة الفارسية على حساب تعاليم الإسلام، وتخلط دائما بين التاريخ السياسي للدولة الإسلامية والدين الإسلامي وتقدم الإسلام بطريقة مذهبية. ووضعت هذه الكتب المدرسية وفق روح التعصب للقومية الفارسية، حيث تتضمن حقائق تاريخية مشوهة ومزورة في أحيان كثيرة؛ تم إخضاعها مسبقا لايدولوجيا السياسة كتعريف الكتب المدرسية للفتح الاسلامي، الذي اعتبروه اجتياحا واحتلالا، ووصفت الفاتحين العرب بأنهم غزاة طامعين، ولم تشر لعظمة الاسلام، وماذا قدم لإيران التي أعتبرتها الكتب بلاد فارس وشعبها كانوا موحدين للإله قبل مجيء العرب. وقد سعت الكتب المدرسية بشكل متعمد لعدم تعريف الطلاب الإيرانين بالحضارة العربية الإسلامية، واختزلت النظرة لهذه الحضارة من خلال الصراع المذهبي بنظرته الضيقة، مشوهة بشكل مقيت التاريخ العربي، والخلفاء المسلمين اللذين وصفتهم بأقبح الصفات، وأتفه الخصال. وتعتبر معالجة الكتب المدرسية الإيرانية لصورة العربي نوعا من التشويه المنظَّم، ولا يتردد باحثٌ عن وصفها بأنها منحازة بشكلٍ واضحٍ وكبير إلى جانبٍ واحدٍ، مليئة بالعيوب والنقائص. وعملياً، تحتوي عدداً كبيراً من المعلومات، الأفكار، الصور عن العرب. المضللة والخارجة عن السياق، بالإضافة إلى مواد غير موثوقة المصدر، وفيها تزويرٌ كبير. ولهذه المناهج أثر سلبي على علاقات إيران بالعرب، حيث كرَّست هذه المناهج حالةً صراعية، في ذهن ووجدان الطالب الإيراني تجاه كراهية العرب، واحتقارهم، بدلا من تعليمهم قيم الحوار، والمصالحة، والتسامح. ووفقا لكتاب «صور العرب» فتتبنى الكتب المدرسية الإيرانية «المانوية» نسبة إلى ماني منطلقاً في فهم ورسم صورة الآخر، فهم «الإيرانيون» رمز الخير، والآخر «العرب» رمز الشر إلى يومنا هذا، فالعداء مع الآخر عداء مانوي، لا تنفع معه كل محاولات حوار المذاهب والحضارات. وبالنسبة للصورة النمطية التي رسمتها الكتب المدرسية الإيرانية للعربي فتثير الطالب الإيراني، وتستهدف العقل الفاعل للطلاب، وتشعرهم بالتوتر وعدم الارتياح من خلال صورة الثأر التاريخي التي عمقتها هذه الكتب لصورة العربي، وتعبر عن صورة الأحداث التي يفسرها الطالب وفق ما تم غرسه في وجدانه على أنها تهديدٌ أو تحدي لكيانه الشخصي، تؤدي الزيادة في مستوياتها إلى الفشل في التعامل مع العربي وكذا شعوره بالقلق والخوف وفقدان الثقة به، وهذه جاءت ثمرة الكتب المدرسية الإيرانية ذات الطابع التشويهي التي أسهمت بوسائل متعددة تاريخية، مذهبية فى تشويه هذه الصورة. وقد اهتمت إيران بتعليم الطلاب، أصول التشيع، واللغة الفارسية والتاريخ الإيراني وقد بلغ اهتمامها باللغة والمذهب اهتماما فاق غيرها من الدول بلغتها ودينها، حيث تعد اللغة الفارسية والمذهب الشيعي والتاريخ الإيراني الأساس لقيام الدولة الإيرانية، إذ أن اللغة الفارسية هي وسيلة الاتصال والتفاهم وتقوم عليها عملية الصهر، ويشدد على تعليمها في المدرسة، وهذا ما يطلب من المدرسة الإيرانية التي هي شبه ثكنة عسكرية استمرار نقل مفاهيم العقلية المذهبية الشيعية التي تبشر بقيام الإمبراطورية الشيعية العالمية التي سيقودها الإمام المهدي الذي سيحتل العالم من جيل إلى جيل، و يؤكد الإيرانيون أن المطلوب من المدرسة الإيرانية اكبر مما هو مطلوب من مثيلاتها في الدول الأخرى. فالمدرسة في إيران لا زالت تعمل على حقن الناشئة بقيم معدة مسبقا تستقي من المذهب الشيعي كتجسيد لمعتقدات الإيرانيين، وحامل لتراثهم عبر التاريخ، والقومية الفارسية كحضارة رائدة متفوقة عبر التاريخ، و الثورة الإيرانية كخلاصة للتفاعل بين المصدر الأول «المذهب الشيعي» والمصدر الثاني «القومية الفارسية» والناتجة عن قيم معينة تتلخص بالتفرد، التفوق، الريادة، وقيادة العالم. إبعاد الطلاب عن الاهتمام بالموضوع العربي الإسلامي التأكيد على أن الخلاف مع العرب خلاف ديني، حضاري، تاريخي، وليس مذهبياً فحسب وضع العرب يتسم دوما بالفقر والمركز المتدني بين الشعوب ألا يعرف الطالب شيئا سوى أن العرب شعب متخلف، مذهبه خطأ، ثقافته بائسة الترويج لإيجاد اجماع بين الدول السنية لمحاربة إيران افتراءات وأكاذيب صورة العربي في المناهج الإيرانية كاذب مخادع متآمر جهدت الكتب المدرسية بمقارنة صورة الإيراني بالعربي. فالإيراني حسب هذه الرؤية إنسان عبقري، فذ يملك حضارة، تاريخا عريقا، تراثا خدم الإنسانية، فيه صفات الوفاء، الصدق، محب ومخلص لآل البيت. والجندي الإيراني يتميز بصفات الإيمان، التضحية، الشجاعة، الفداء وأن لديهم رسالة لإنقاذ البشرية، فيما العربي فهو إنسان غير حضاري، ليس له تاريخ وتراث يوازي إيران، لا يحمل مقومات إيران وتراثها المادي والروحي، يعيش في بيئه أمتازت بفقر الطبيعة «الصحراء، الجمال وأشجار النخيل، وامتازت الأرض العربية بأحادية تضاريسها، وعدم تنوعها، والإنسان العربي كاذب، مخادع، والجندي العربي جبان، مغفل، غير مؤمن، متآمر. ولم تذكر الكتب حرفا واحدا عن صورة إيجابية للعرب خلال مراحل تاريخية مفصلية، فالأهم أن يقدموا مادة تتوافق مع شروط الثورة الإيرانية، والمذهب الشيعي، وبصورة تتضمن تزوير التاريخ، وتضمن التشويه، وقلب الحقائق في مضمون الكتب المدرسية ومحتواها. وقد سعت الكتب إلى إرباك فكر الطالب الإيراني وتجهيله حول العالم العربي بشكل متعمد، حيث ركزت على قضايا وموضوعات استمرت في إبعادهم قدر الإمكان عن اهتماماتهم في الموضوع العربي الإسلامي، وجعلت العنصر الرئيس في المادة التعليمية الخاصة بالحروب التي خاضتها إيران مع العرب عبر مراحل التاريخ، لإبراز بطولات «الإيرانيين» في هذه الحروب واستعدادها للتضحية، كما أشارت للعرب وكأنهم شعب كغيره من الشعوب، وذلك في محاولة واضحة لتسريب الاعتقاد إلى الأذهان بأن الخلاف بين إيران والعرب هو خلاف ديني، حضاري، تاريخي، بالدرجة الأولى، وليس مذهبياً فحسب. الكتب المدرسية الإيرانية تتعامل مع الإنسان العربي في عدة مستويات تتسم بكونها تجرده من وجوده وحضوره تجريداً متزايداً حتى يختفي كلياً، أي بتحويله من العربي المتخلف، عبر تشويه صورته، إلى العربي الغائب عبر إهماله تماماً، فيخرج الطالب الإيراني من طاحونة التربية والتعليم لا يعرف شيئا سوى أن العرب شعب متخلف، مذهبه خطأ، ثقافته بائسة، ويأخذ الطالب هذه النظرة معه عندما يكبر وينخرط فى الجيش، الأمن والاستخبارات، الجامعة. كما هدفت الكتب للتعبئة ضد الشخصية العربية العدوانية، حيث ترى أن الشخصية العربية تتسم بعدوانية أصيلة، كرَّست نفسها للصراع ضد الشيعة، وهم يعتقدون أنه وإن كان العرب لم ينجحوا في كسر شوكة إيران غير أن الأهم من ذلك أن هناك اجماعاً بين الدول السنية لمحاربة إيران. لقد حاولت النصوص تجاهل دور العرب في مجريات الدعوة الإسلامية، وإذا أرادت إبرازهم، فهم أعداء الدعوة النبوية، فقسم لا بأس به من الإيرانيين وأبنائهم لا يعرفون عن العرب إلا ما يتعلمونه في المدارس والكتب المدرسية، التي تحوي الأكاذيب والافتراءات على العرب، يتقبلها الطالب الإيراني، وتصبح عقيدةً لديه، لا يمكن إزالتها أو تغيرها في المستقبل. وتحاول الكتب المدرسية الايرانية إحداث حالة تعبئة انفعالية وجدانية ضد الآخر، من خلال تعظيم عقدة الاستهداف لدى الشيعة، وشحنهم بطاقات عدوانية موجهة ضد العرب. تنبعث الفوقية التاريخية من الثورة الايرانية في الكتب المدرسية من خلال مفاهيم مترابطة غير منفصمة وهي: المذهبية الشيعية والقومية الفارسية، فالتشيع يعتبر الشعب الإيراني «شعب الله المختار» وسائر الشعوب (ضالون) وهذا المصطلح، شعب الله المختار، وُجد لـه تعبيرٌ في صورٍ وأشكالٍ ومظاهرَ عدة، وعلى كل الصُعُد السياسية والثقافية والاقتصادية، وحتى الاختراعات والاكتشافات العلمية كانت تهدف إلى إبراز الفوقية والتفرد الشيعي ـ الفارسي بلا منازع. تسهب الكتب المدرسية في حديثها عن العنجهية الفوقية والبطولة الأسطورية الفارسية، وتوغل في المقارنة بين الإيرانيين والعرب من حيث القدرات العقلية والفنية والقيمية الأخلاقية، ولإبراز الفوقية الأسطورية لشعب الله المختار، وتميزهم حتى على الرومان، وبالنسبة للنظرة الدونية للعرب فهم على مستوىَ متدنٍ إنسانياً وحضارياً. تشويه صورة العرب من وجهة نظر فارسية، حيث عُكست هذه الصورة عن وعي متعصب مهجوس بكراهية العرب، والحط من شأنهم، ومحاولة صناعة الهوية الإيرانية وفق رؤية قومية مذهبية. فالصورة التي ترسمها للإيراني قائمة على أساس التمييز العرقي، فالفرس هم آريون بشروا ويبشروا بالخير، وهي ردٌ على صورة الآخر «العربي» «السامي» ولا يستقيم وصف هذه الصورة إلا من خلال التأكيد والإغراق بالرجوع إلى أصل الفرس القديم أولاً، ومحاولة إحياء العادات والتقاليد الخاصة بتلك الحقبة. تاريخية: - التأكيد على التطور الحضاري لإيران مقابل الخراب والتخلف وعدم التقدم العربي. - إهمال الدور العربي الإسلامي في نشر الاسلام في إيران. - التنويه والتركيز على الدور والفضل الإيراني منذ القدم على الحضارة الإسلامية. - العرب غزاة، دمروا حضارة فارس، وهم شعب متخلف، دينهم خطأ، ثقافتهم بائسة. جغرافية - طمس اسم العالم العربي من الشرق الأوسط. - كلمة إيران مرتبطة بالآريين، وأن هذا اللفظ جاء منذ القدم. - إرجاع أسماء المواقع الطبيعية إلى الأسماء القديمة تمجيداً لتاريخهم القديم مثل إطلاق «خليج فارس» على الخليج العربي. - وضع خريطة جديدة، وأطالس مختلفة، تثبت فارسية المكان والزمان. مقومات أساسية للتربية والتعليم في إيران: - التأكيد على الريادة: خلق جيل يؤمن بالتوسع لبناء الإمبراطورية العالمية بدءا من المناطق الجغرافية المحاذية لإيران، دون الإفصاح عن نواياها التوسعية. - التعلق بالأرض: فالأرض ليست مكاناً للزراعة فقط في نظر الإيرانيين، وإنما هي المكان الحاضن لآلام الإيرانيين والموحّد لهم، من هنا تعمل إيران على تذكير طلابها منذ نشأتهم بالاضطهاد الذي لقيه الشيعة عبر التاريخ «الهلوكوست الشيعي» ثورة الحسين وما تعرض له وأنصاره من قتل. - تنمية روح المظلومية، فالمظلومية عامل توحيد بين فئات المجتمع إذ تجعل منهم رفاق وحدة شعورية واحدة، فالمظلومية هي بوتقة لصهر المعاناة، ومرارة التجارب، والمشاعر المشتركة التي تجعله في حالة يقظة دائمة، واستعداد نفسي لعدو متحفز سوف يبطش به، إذا لم يكن على أعلى درجات الحذر، لذا عليه أن يكون ضمن فكره الجمعي في حالة طوارئ دائمة. فدور التربية هو العمل على تنمية الروح العسكرية في الناشئة الإيرانيين منذ طفولتهم عن طريق تلقينهم بطولات القادة الإيرانيين القادرين على ضرب الأعداء من خلال القصص. أهداف تسعى إيران لتحقيقها في تربية الناشئة: - خلق الشعور بالاستعلاء لدى الطلاب. -إيهام الطلاب بأن أرض الخليج الفارسي مرتبطة تاريخياً بالإيرانيين، وأن حياة غيرهم لا جذور لها. - الحضارة الفارسية هي التي أحيت هذه الدولة. - تنمية الروح العسكرية التي تبدأ منذ المدارس لتمجيد الجيش والدعوة إلى الخدمة والتدريب المستمر للطلاب في المدارس ودروس عن الحرب مع العراق، ومقدار ما حققه لهم الجيش من انتصارات. - التذكير بالاضطهاد لتولد لدى الطالب الحقد والكراهية ليس للعرب وحدهم بل وللشعوب الأخرى. - إقناع الطلاب بأنه بدون «دولة إيران» لا يمكن ضمان وجودهم، فعليه القيام بكل ما تطلبه هذه الدولة «المحاطة بالعداء». - أن يتخرج الطلاب من مؤسسات التربية والتعليم متعصبين لعنصرهم الإيراني ولمذهبهم الشيعي مغالطات تجاه العرب