×
محافظة المنطقة الشرقية

الغانم مديراً لصحيفة «اليوم» في الجبيل

صورة الخبر

يعتبر غياب المشروع العربي الواحد أحد أهم العوامل الرئيسة، التي أدت إلى زيادة الاحتقان الداخلي بين الشعوب العربية، حيث إن غياب مفهوم الوحدة والاتحاد في مواجهة كل الأخطار الخارجية، ومواجهة كل ما يحاك ضد المنطقة . ويهدف إلى تقسيمها وتفتيتها، أعطى الشعوب العربية إحساساً بـالفراغ القومي وفق تعبير البعض، الأمر الذي نتج عنه الالتفات لتناقضات تلك المجتمعات وشيوع الأفكار السلبية، التي يأتي على رأسها عدم تقبل الآخر وعدم تقبل المختلف سواء كان مختلفًا دينيًا أو عرقيًا أو سياسيًا. التفات غياب المشروع العربي الجامع لأبناء الشعوب العربية جعلهم يلتفتون إلى أنفسهم ومجتمعاتهم ويركزون على نقاط الاختلاف الكائنة بينهم، الأمر الذي ينتج عنه في أحايين عدة ردود أفعال غير مسؤولة. ويرى معاون رئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور عبد الله مغازي، أن غياب المشروع العربي الكبير أو فكرة القومية العربية هو أحد عوامل تفكك المجتمعات العربية بل وانفجار بعضها من الداخل، وللتدليل على هذا الحديث يمكن أخذ الشعب الأوروبي مثالاً. فرغم أن شعوب أوروبا لديها قواسم مشتركة قليلة فهم مختلفون في اللغات الناطقين بها ومختلفون في الحضارات التاريخية ومختلفون كذلك في الديانات التي يدينون بها إلا أنهم توحدوا على أساس هدف واحد وعظموه وكبروا من شأنه حتى أصبح هو المظلة الأساسية للسياسات، التي تنتهجها تلك الشعوب وحكامهم لتكون أساسًا للاتحاد الأوروبي وسببًا قويًا لعدم الالتفات لأي اختلافات أو خلافات بينهم. وهو أمر افتقده الوطن والشعب العربي منذ عقود طويلة، رغم كل القواسم المشتركة بينهم، حيث إنهم ناطقين للغة واحدة ويدينون بأديان متقاربة تكاد تنحصر بين الدين الإسلامي والدين المسيحي، وكذلك تاريخ مشترك واحد وعادات وتقاليد متقاربة، ورغم كل ذلك فإن الشعب العربي فشل في التوحد حول مشروع واحد، رغم أن هذا الاتحاد هو المنقذ من حالة الانقسام والتفكك، التي تعاني منها المنطقة. الوحدة العربية ووفق محللين فإن خفوت أو فشل مشروع الوحدة العربية الذي بدأ منذ خمسينيات القرن الماضي في التبلور وانهار بعدها بسنوات قليلة هو أحد أهم الأسباب التي يمكن اعتبارها عاملًا رئيسًا في انهيار تماسك البلدان العربية الداخلي، بل إن غياب هذا المشروع في تلك المرحلة، كان عاملًا رئيسًا في زيادة حدة الصراعات الداخلية سواء على أسس دينية أو سياسية أو عرقية. تقبل الآخر وبحسب المحللين شهدت دول عربية عدة صراعات دموية نتج عنها الدمار والتخريب بشكل واسع، بعد أن غابت مفاهيم تقبل الآخر والتعايش السلمي بين مختلف طوائف وفئات المجتمع التي كان أحد أهم أسباب غيابها هو إحساس الشعب العربي بالهزيمة وعدم نجاحه في التوحد، خاصة مع وجود كل التهديدات الخارجية، التي هددت أمنه واستقراره. وبدوره، يوضح المفكر المصري الكاتب الصحافي ناصر أبو طاحون، أن غياب الهدف الواحد الذي كان مقدرًا له أن يجمع كل الشعوب العربية أحدث نوعًا من الشعور بالتقزم والشعور باليأس، ما دفع تلك الشعوب للصراع الداخلي لإحراز أي نوع من الانتصار الوهمي. ولكن يمكن القول إن هناك عددًا من الدول التي انتبهت لتلك الأزمة فبدأوا في اتخاذ خطوات جادة وعملية في خطو خطوات ثابتة نحو عودة الاتحاد العربي حتى لو كان ذلك مجرد بداية فقط، ومن المنتظر أن تكون تلك المبادرات والاتفاقيات هي بداية لعودة الوطن العربي للاستقرار مرة أخرى وتعظيم الإحساس بالانتماء الوطني له، ما سيعني إنهاء حالة الصراع الداخلي، وإنهاء كل أشكال الصراع الأهلي، التي ليست هناك أي أسباب منطقية لها.