×
محافظة المنطقة الشرقية

عام / طيران الاحتلال الإسرائيلي يجدد انتهاكه لسيادة الأجواء اللبنانية

صورة الخبر

< يتضح يوماً بعد يوم أن عقدة المرأة لدى بعض السعوديين أزلية ومتكرسة حتى النخاع، ولا يمكن أن تزول بسهولة. تفسير الأمر يعود لأسباب كثيرة، نتطرق إليها لاحقاً، إلا أن هناك ما لا يمكن أن يمر من دون تعليق. قبل يومين كنت مسافراً من المملكة إلى بلد آخر، وعند وصولنا وخروجنا من الطائرة متوجهين إلى صالة الجوازات كان طوال المسافة التي تقدر بحوالى كيلومتر يضع بينه وبينهم مسافة لا تقل عن 30 متراً أو 20 بالقليل. كانت إحداهن وهي الأكبر سناً لا تستطيع الصعود عبر السلم الكهربائي المتحرك، وبدلاً من أن يهب لمساعدتها اكتفى بالإشارات وتحولت المسكينة إلى الصعود عبر الدرجات، وقد كنت أسمع تنهداتها وأنفاسها اللاهثة لصعوبة ذلك عليها وتسببه بألم في ركبتيها. استمر الأمر كذلك حتى وصلوا إلى الجوازات لينضم بعدها إليهم، وقد تنفس الصعداء وكأن خطر التهمة بأنه يتبسط مع عائلته أو قريبته أياً كانت هي تهمة لا تُغتفر. لقد شعرت بالرثاء له بل والشفقة على قريبته، وتذكرت أن حدثاً قد جرى قبل عقود لصديق لي حميم، ولكن بشكل معاكس. فقد كان عائداً من شهر العسل، واتجه يوماً إلى الجامعة؛ لكي يقلَّ زوجته، وعندما خرجت إليه أمسك بيدها واتجها سوياً إلى السيارة، وفي هذه الأثناء التقط الحركة رادار هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الدقيق فانطلقوا له كالغزال وانقضوا عليه كالصقر وأخذوه إلى السيارة وأخذوا زوجته إلى سيارة أخرى على رغم احتجاجه ثم طلبوا منه عقد الزواج فقال ليس معي فهو ليس بحفيظتي لكي أنقله معي لكل مكان وبعد ذلك أخذوهم إلى مقر «الهيئة» حيث اتصل صديقي بالمنزل وجلبوا العقد له ليعتذر رجل «الهيئة» قائلاً ليس من عاداتنا أن يسمك الرجل بيد زوجته. ربما لا ألوم «الهيئة» فأحد الزملاء القدماء ممن تزوج وهو صغير في السن يقول عندما أسافر وأرجع من السفر لا أسلم على زوجتي ولا أبتسم، بل أظهر التجهم أمام أمي وأبي، بينما يتغير الأمر من ورائهم. لن نذهب بعيداً فالطفلة التي انتشر مقطع لها في الإنترنت وهي ترقص بمرح، لم تكن لتثير خيالات مريضة إلا في نظر بعضهم من المهووسين نفسياً، ولا يفرقون فيه بين امرأة وطفلة. هذا الاحتقان في التعامل مع المرأة، وما يتعلق بها قد يؤجج أموراً مغرقة في الجهل والعنصرية بما لا يخطر على عقولنا، وهو ما أعادني إلى عقود مضت لمسلسل «ناعسة»، وهو مسلسل مصري قديم من بطولة صلاح قابيل ومها صبري، إذ تمثل الأخيرة دور غجرية ينظر إليها الآخرون نظرة الذئاب الذين يتحينون الفرص لنهشها إلا أنها كانت شريفة ومستقيمة، وقد وقع في حبها صلاح قابيل وبادلته الحب وأرادوا الزواج، وهنا تكالبت عليهم الدنيا. فبعضهم اعترض بحكم أنها غجرية وليست من المقام والآخر عرف أن الزواج يعني حرمانهم من محاولة النيل منها أو الاعتداء عليها أو إقناعها بالانحراف. وفي الأخير تحالفت كل القوى الشريرة وأجهضوا حلم المحبين بطلقة رصاص صدرت من مجهول أودت بحياة حسان (صلاح قابيل). القصص عن المرأة وما يحدث لها وعن محاولة إجهاض أحلامها وفرض وصاية عليها غير مبرر وغير مقبول إطلاقاً، بل ومخجل ولاسيما أننا في زمن تجاوزت فيه الدول الأخرى هذه المرحلة بسنين ضوئية. كما ذكرت بداية المقالة أن هناك أسباباً كثيرة لهذه النظرة المتخلفة للمرأة بسبب تراكم تاريخي كرسته مفاهيم بالية لا يتم تصحيحها بحزم وقوة، بل إنها لا تشكل قيمة ذات بال بالنسبة إلى المجتمع الذكوري، ناهيك عن أن الملتزمين لا يرون غضاضة في إهانة المرأة، فهم يؤمنون بأنها ضعيفة وينقصها الكثير لتصبح قريبة من الموازاة بصبي، فما بالك برجل. أؤمن أن علينا مسؤولية كبيرة تجاه أطفالنا، ولاسيما الذكور، فعلينا زرع الوعي ومقاومة التأثير الذي ينتج من عوامل خارج المنزل توحي لهم بأنهم يتميزون عن أخواتهم البنات.