هل وقع قائد «حزب الله - الحجاز» أحمد المغسل في المصيدة أم أوقع به؟ كيف سقط أحد أخطر المطلوبين وأكثرهم تخفياً بعد نحو 19 عاماً من التواري كأنه «الشبح»؟ ما اللغز الذي كشف هذا الرجل الذي يتصدّر قائمة الإرهاب الدولية لاتهامه مع آخرين بقتل 19 عسكرياً أميركياً وجرْح 372 آخرين في التفجير الهائل في الخُبر السعودية العام 1996؟ ما سرّ الـ «sms» التي تلقتها بيروت عن وصول هذا الصيد الثمين الذي خصصت الولايات المتحدة مكافأة مالية من خمسة ملايين دولار لمن يسهل القبض عليه؟... والأهمّ هل بدأ تسديد «فواتير» على صلة بالاتفاق النووي بين ايران والولايات المتحدة ومعها دول الغرب فرُفع الغطاء عن السعودي ابن القطيف البالغ من العمر 48 عاماً؟ مصادر ديبلوماسية وأمنية كشفت لـ«الراي» معلومات مثيرة ترتبط بإلقاء القبض على أحمد إبرهيم المغسل في بيروت قبل فترة تراوح بين أسبوعين وثلاثة، مشيرة الى ان طرف الخيط في العملية كان تلقّي أحد الأجهزة الأمنية اللبنانية وبالـ «sms» معلومة تشير وبالاسم الى ان مطلوباً خطراً على أهبة الوصول الى مطار رفيق الحريري الدولي يحمل جواز سفر إيرانياً وباسم إيراني وعلى متن طائرة إيرانية. وأشارت المصادر الى ان الجهاز الأمني اللبناني المعني بدا للوهلة الأولى متحسباً وهو في طريقه لملاقاة «هدف إيراني» في مطار بيروت الذي يخضع لوهج نفوذ إحدى القوى الموالية لإيران، لكن هذا الجهاز فوجئ بسلاسة العملية التي تُوجت بإلقاء القبض على المغسل بعد تطويق الطائرة التي كان على متنها أحد الوفود الآتية من طهران. ولم يكن الجهاز الأمني اللبناني يعلم الهوية الحقيقية للموقوف إلا بعدما أصبح في قبضته وبناء على «sms» آخر أفشى اسم الصيد الثمين. وبحسب المصادر فإن الجهاز اللبناني أخضع احمد المغسل لفحص D.N.A بعدما أخذ عيّنة منه أُرسلت الى السعودية على عجل حيث جرت مطابقتها مع أفراد من عائلته لتُحسم هويته، فتم التأكد من انه هو نفسه الرجل المطارَد منذ 19 عاماً. وكشفت المصادر عيْنها عن ان المغسل كان آتياً من إيران الى لبنان لحضور زفاف نجله كون عائلته تقيم في احدى ضواحي بيروت فأُفشي سره ووقع في الفخّ، موضحة ان ترتيبات أمنية وقانونية اتُخذت لتسهيل عملية تسليم هذا الرجل الأخطر على لائحة الإرهاب الدولية الى المملكة العربية السعودية بعدما أُخضع لتحقيقات في بيروت. وعلمت «الراي» ان سلاسة إخراج المغسل من مطار بيروت وتسليمه لسلطات بلاده كانت شبيهة بسلاسة توقيفه، رغم ان السلطات اللبنانية كانت فكّرت في اكثر من سيناريو لترحيله الذي تمّ عبر المطار من دون اي معوقات كان يجري التحسب لها. وتلقفت مصادر ديبلوماسية ملابسات القبض على المغسل للايحاء بأن مثل هذا التطور ما كان يمكن ان يحدث لو لم تكن ايران ترغب به، مما يؤشر الى انه تمت التضحية بهذه الورقة في سياق مفاعيل الاتفاق النووي، وربما كبادرة حسن نية من طهران يمكن ان يصرفها الرئيس الاميركي باراك اوباما في معركة إمرار الاتفاق النووي في الكونغرس الشهر المقبل. وتكمن أهمية «تسليم» المغسل كونه المشتبه به الرئيسي في تفجيرات أبراج الخبر في يونيو 1996 حين وقع هجوم استهدف مجمعاً سكنياً كان يقطنه عسكريون من أفراد سلاح الجو الأميركي، ما أسفر عن مقتل 19 عسكرياً، وجرح نحو 500 آخرين من جنسيات متعدّدة بالإضافة إلى انهيار جزئي للمبنى السكني. ووجّهت الولايات المتحدة والسعودية اتهامات إلى إيران بالتخطيط للهجوم الذي وقع بصهريج مفخخ غير أن إيران نفت مسؤوليتها عنه. علماً ان واشنطن طالبت طهران بدفع 254 مليون دولار تعويضا لأهالي الضحايا. ويذكر أن المغسل مطلوب أيضاً لدى مكتب التحقيقات الفيديرالي الأميركي «FBI» إذ إنه مسجل باعتباره واحداً من أبرز الإرهابيين المطلوب القبض عليهم.