أوقفت كوريا الجنوبية أمس مكبرات الصوت التي تبث الرسائل الدعائية إلى كوريا الشمالية بعدما توصل البلدان إلى اتفاق لنزع فتيل التوتر الذي كاد أن يؤدي إلى اندلاع نزاع مسلح في شبه الجزيرة. وقبل أسبوعين أعادت سيول تشغيل مكبرات الصوت بعد 11 عاما من توقفها ردا على انفجارات ألغام أدت إلى إصابة اثنين من جنودها. وعلى إثر ذلك طالبت كوريا الجنوبية باعتذار، فيما نفت كوريا الجنوبية أي ضلوع لها بالتفجيرات وهددت بمهاجمة وحدات الدعاية مع تصاعد التوتر بين الجانبين. وإثر ذلك توصل الجانبان إلى اتفاق صباح أمس ينهي الأزمة بعد أكثر من 40 ساعة من المفاوضات المكثفة المتواصلة. وأعربت كوريا الشمالية عن «الأسف» على انفجارات الألغام بينما أوقفت كوريا الجنوبية مكبرات الصوت عند منتصف نهار أمس. وصرحت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية أن القوات ستبقى في حالة تأهب إلى حين تأكيد إلغاء جارتها الشمالية «حالة شبه الاستعداد للحرب» التي أمر بها الزعيم كيم جونغ - أون. وقال متحدث باسم الوزارة لوكالة الصحافة الفرنسية: «لقد أوقف جانبنا مكبرات الصوت، وسنبقي على حالة التأهب بينما نراقب تحركات جنود كوريا الشمالية، وسيستغرق انسحابهم وقتا». وشهدت الأزمة تصاعدا سريعا في التحركات العسكرية حيث قامت المقاتلات الكورية الجنوبية والأميركية بطلعات تدريبية على قصف وهمي، فيما تردد أن كوريا الشمالية نشرت عشرات الغواصات وضاعفت وحدات المدفعية عند الحدود. ورحبت الولايات المتحدة التي ينتشر نحو 30 ألف من جنودها بشكل دائم في كوريا الجنوبية، بقرار تخفيف التصعيد. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جون كيربي في مؤتمره الصحافي المعتاد: «لقد شهدت الأيام القليلة الماضية توترا عاليا.. وعلينا أن نرى الآن كيف تتطور الأمور». ولم يشتمل إعلان كوريا الشمالية على الاعتذار الكامل الذي طالبت به كوريا الجنوبية على تفجيرات الألغام، كما لم تعلن بيونغ يانغ صراحة عن مسؤوليتها عن تلك التفجيرات. إلا أن مستشار الأمن القومي كيم كوان جين في كوريا الجنوبية أكد أن التعبير عن الأسف كان «واضحا جدا»، وقال إن «الحصول عليه كان أصعب جزء في المفاوضات». وأضاف: «كان علينا أن نحصل على كلمة اعتذار بأن الشمال كان العنصر الرئيسي» وراء التفجيرات. وكما اتفق الجانبان على العمل من أجل استئناف عملية جمع شمل العائلات التي فرقتها الحرب الكورية خلال 1950 - 1953، اعتبارا من الشهر المقبل. وتفاوتت ردود فعل المحللين، حيث قال بعضهم إن «كوريا الجنوبية لم تقدم اعتذارا واضحا». كما سعت سيول كذلك إلى الحصول على وعد محدد من بيونغ يانغ بالامتناع عن أية استفزازات مستقبلية، ولكنها رضيت بإشارة مبهمة بتجنب أحداث «غير طبيعية». إلا أن المحلل في المعهد الكوري للتوحيد القومي في سيول جيونغ يونغ - تاي قال إن «التعبير عن الأسف جاء أقوى مما توقع كثيرون»، وأضاف: «في عالم اللغة الدبلوماسية، هذا اعتذار واضح حيث تم الحديث بوضوح عن سبب الاعتذار وهو انفجارات الألغام التي أدت إلى إصابة الجنود». ويذكر أن الكوريتين في حالة حرب تقنيا منذ 65 عاما، إذ إن الحرب بينهما 1950 - 1953، انتهت بوقف لإطلاق النار ولم يوقع اتفاق سلام رسمي. ويوجد حاليا نحو 30 ألف جندي أميركي ينتشرون بشكل دائم في كوريا الجنوبية، وتؤكد واشنطن على الدوام الالتزام بالدفاع عن حليفتها.