بيروت ـ أ ف ب: أقر رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام أمس باستخدام القوى الأمنية "القوة المفرطة" في قمع محتجين على استمرار أزمة النفايات التي تشهدها البلاد منذ شهر، تزامنا مع توافد اللبنانيين إلى وسط بيروت للمشاركة في اعتصام مركزي. وقال سلام في مؤتمر صحافي "ما حصل أول أمس لا يمكن لأحد أن يهرب من تحمل مسؤوليته، وخصوصا ما يتعلق باستعمال القوة المفرطة مع هيئات المجتمع المدني"، مضيفا "لن يمر الحدث بدون محاسبة وكل مسؤول سيحاسب وأنا من موقعي لا أغطي أحدا". وكان آلاف من اللبنانيين بينهم نساء وأطفال تجمعوا بعد ظهر السبت في ساحة رياض الصلح القريبة من مقري مجلس النواب والحكومة بشكل سلمي تلبية لدعوة تجمع "طلعت ريحتكم" الذي يضم ناشطين في المجتمع المدني احتجاجا على عجز الحكومة عن إيجاد حل لأزمة النفايات المنزلية التي تغرق فيها شوارع بيروت ومنطقة جبل لبنان. ولدى محاولة مجموعة من المعتصمين التقدم لرفع شريط شائك وضعته القوى الأمنية، حدث تدافع بين الجانبين قبل أن يقدم عناصر الأمن على ضرب المعتصمين بالعصي وإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص لتفريق المتظاهرين، ما تسبب بسقوط جرحى في صفوف المدنيين. قال مصدر في الصليب الأحمر اللبناني إن 16 شخصا على الأقل أصيبوا بجروح خلال المواجهات فيما أعلنت قوى الأمن الداخلي إصابة أكثر من 35 من عناصرها السبت. وأكد رئيس الحكومة أن "التظاهر السلمي حق دستوري وعلينا أن نحميه وأن نواكبه وأن نكون جزءا منه لا أن نكون في الضفة الأخرى أو خارجه". واعترف سلام بعدم وجود "حلول سحرية" في ظل التجاذبات السياسية القائمة في لبنان، في إشارة إلى القوى الأمنية، هي بدورها "خاضعة للتجاذبات والصراعات السياسية التي تتحكم بكل كبيرة وصغيرة". وتزامنت مواقف سلام مع توافد الآلاف من المواطنين إلى ساحة رياض الصلح حيث نصب عشرات من المعتصمين الخيم ليلا. وأطلق المحتجون طيلة النهار هتافات مناوئة للحكومة ومطالبة بـاستقالتها وبـ"إسقاط النظام". ويعد هذا التحرك المدني الأول من نوعه في بيروت في السنوات الأخيرة لناحية حجم المشاركين فيه من مختلف المناطق والطوائف ومن خارج الأحزاب والاصطفافات السياسية. واستعاضت معظم القنوات التلفزيونية المحلية عن برامجها ببث مباشر مواكبة لتحركات المحتجين. واعتبر رئيس الحكومة أن المشكلة ليست في أزمة النفايات فحسب بل في الانقسام الذي يعطل اتخاذ القرارات على طاولة مجلس الوزراء في غياب ممارسة السلطة التشريعية لدورها في المساءلة. وقال "قصة النفايات هي القشة التي قصمت ظهر البعير لكن القصة أكبر بكثير وهي قصة النفايات السياسية في البلد والتي تلبسها كل المرجعيات والقوى السياسة".