لنفترض أن شخصاً جاء إلى مكتبي وقال لي إن رجال الشرطة في بلاده خنقوا رجلًا حتى الموت بسبب جريمة تافهة. ولنفترض أنه قال إن الشرطة أطلقت الرصاص على رجل من الخلف أثناء هروبه. وأنهم قبضوا على سيدة أثناء إشارة مرور ووضعوها في السجن، حيث ماتت بعد ثلاثة أيام. أو أن صبياً يبلغ من العمر 12 عاماً قُتل رمياً بالرصاص على يد الشرطة بينما كان يلعب في الحديقة. ولنفترض أنه قال إن جميع هؤلاء الضحايا من نفس المجتمع العرقي -مجتمع يخشى أعضاؤه أن يتم إيذاؤهم أو تعذيبهم أو قتلهم على يد الشرطة أو حراس السجون. وأن هذا ما يحدث في مدن وبلدات في جميع أنحاء بلاده. عند هذه النقطة، باعتباري محامياً لقضايا الهجرة، سأقول له إن لديه الحق في المطالبة بحماية طالبي اللجوء بموجب القانون الأميركي. حسناً، وماذا لو قال لي بعد ذلك إنه من أميركا؟ إن السود في الولايات المتحدة يواجهون عنفاً عنصرياً يؤهلهم لأن يصبحوا لاجئين. وعلى مدى العقد الماضي، توليتُ تمثيل وتقديم النصح لمئات من غير المواطنين الأميركيين ممن يواجهون إجراءات الترحيل. والعديد منهم كانوا يخشون الاضطهاد في أوطانهم وطلبوا الحماية في الولايات المتحدة. ولكي يحصلوا على وضعية اللجوء والحق في البقاء، أثبت أن موكليّ لديهم خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد في المستقبل من قبل حكومات أو جماعات لا تستطيع الحكومات أو لا ترغب في السيطرة عليها. وفي حالة واحدة، نجحت في إثبات أن موكلي إذا عاد إلى موطنه، فقد يتم سجنه ظلماً أو إيذاؤه جسدياً على أساس معتقداته الدينية. ويعلم الأميركيون السود خطورة السجن الظالم والأذي الجسدي جيداً. ووفقا لقانون اللجوء في الولايات المتحدة، يجب أن يكون هذا الاضطهاد بسبب العرق أو الدين أو الجنسية أو الانتماء إلى جماعة اجتماعية معينة أو آراء سياسية. وفي حالات عديدة ذكرت المحاكم أن العنف من قبل ضباط الشرطة والسجن ظلماً والاغتصاب والاعتداء والضرب والحبس يعد اضطهاداً. وحتى أشكال الضرر غير المادي، مثل الفرض المتعمد للضرر الاقتصادي الحاد أو الأذى النفسي أو الحرمان من الغذاء أو المسكن أو العمل أو غير ذلك من ضرورات الحياة، تعد أسباباً جيدة. وفي إحدى الحالات، قضت محكمة الاستئناف الأميركية للدائرة التاسعة بأن الشخص الذي يتم القبض عليه واحتجازه واتهامه زوراً دون أساس يكون بذلك قد تعرض للاضطهاد. وفي حالة أخرى، قضت بأن الاضطهاد يشمل التمييز العرقي بشدة إلى درجة أن الملتمس لم يتمكن من العثور على عمل في مجاله. فهل هذا يبدو مألوفاً؟ تزعم الولايات المتحدة أنها دولة تحمي اللاجئين، ولا تنتجهم، ودولة تعاقب البلدان التي لها سجلات سيئة في مجال حقوق الإنسان. ولكن ماذا عن سجل حقوق الإنسان لدينا، الذي يثبت أن الطريق لا يزال طويلًا أمامنا للقضاء على الظلم والعنف العنصري؟ لرفع قضية لطلب اللجوء بسبب اضطهاد السود، لست مضطراً للعودة إلى 400 عام من العبودية والقتل والعزل، بل يجب التركيز بدلاً من ذلك على نظام وأساليب الشرطة الأميركية وبعض مظاهر العنصرية الحالية والسجن الجماعي والملاحقة الانتقائية. ويشكل الأميركيون الأفارقة 13% فقط من سكان الولايات المتحدة، ولكنهم يمثلون 31% من الأشخاص الذين قتلتهم الشرطة في عام 2012. ووفقاً لتقرير لمنظمة «برو بابليكا» الصحفية المستقلة، فإن المراهقين السود كانوا أكثر عرضة للقتل على يد الشرطة مقارنة بالمراهقين البيض بنحو 21 مرة خلال الفترة من 2010- 2012. وفي الولايات المتحدة، يوجد 1,6 مليون رجل أسود في السجن، سواء تحت المراقبة أو قيد الإفراج المشروط، أي ضعف عدد المستعبدين عام 1850. وأود أن أذكِّر المحكمة أنه في عام 1985، قامت شرطة فيلاديلفيا بإسقاط قنبلة على مقر منظمة «موف»، وهي منظمة سياسية للسود، ما أسفر عن مقتل 11 مواطناً أسود، بينهم خمسة أطفال وتدمير 61 منزلاً، ولم تتم محاكمة مسؤول واحد نظير هذا الفعل! وسأذكر ما توصلت إليه وزارة العدل بأن المحاكم في مدينة فيرجسون، بولاية ميزوري، تشارك في التفرقة العنصرية المتعمدة أثناء إنفاذ القانون. ... المزيد