×
محافظة المنطقة الشرقية

حملة على المنطقة الصناعية بالمعابدة

صورة الخبر

عرفت الثقافة الإسلامية الكثير من المتعلقات التي ارتبط ظهورها بدخول الإسلام إلى البلاد العربية، فمثلما ظهر المسجد بصيغته الإسلامية العائد في أساسها إلى بيوت العبادة، ظهرت السبحات، وسجادات الصلاة، وغيرها من المتعلقات الإسلامية التي تشير إلى تاريخ طويل من الفنون تشكل على مدار مئات السنين، وضمن اختلاط عدد من الثقافات في قالب تراكمي ينكشف بدراسة ما وصل إلينا اليوم. واحدة من تلك المتعلقات اللافتة في الثقافة الإسلامية تظهر سجادة الصلاة، التي لا يكاد يخلو بيت من بيوت المسلمين في العالم من وجودها، إذ بات وجودها أصيلاً كما هي حال فريضة الصلاة في الشريعة الإسلامية، وباتت صناعتها فناً منفصلاً شكل لها هوية إسلامية لا تخرج عنه مهما تعددت أشكال تطويرها والإضافة عليها. يعود تاريخ سجادة الصلاة في جذوره إلى ظهور صناعة السجاد في الجزيرة العربية، حيث جاء السجاد في الثقافة الشرقية التي كانت تفترش الأرض للنوم والجلوس، على عكس الثقافة الغربية التي كانت ترتفع عن الأرض بالمقاعد والأسرة، وغيرها من أشكال الأثاث. فتكشف الموسوعات التاريخية أن فن نسج البسط والسجاد في البلدان العربية يرتبط في أصله مع الحاجة إلى تغطية الأرض والجلوس والنوم عليها، يعود إلى القرن الحادي عشر الميلادي، فتذكر أن البسطة المشغولة بطريقة الربط دخل إلى آسيا الصغرى في القرن 11 مع دخول السلاجقة إليها، واحتلت الأبسطة الوبرية مكانة مرموقة بين المنتوجات المصدرة من الشرق إلى الغرب في الماضي والحاضر. وقد بدأ بتصدير السجاد في القرن 13، وربما قبل ذلك، حيث يستدل على ذلك من البسط التي تظهر في الصور الأوروبية من تلك الفترة، وكانت تستعمل هذه البسط في تزيين الكنائس، وبعضها كان يُعلق على النوافذ أيام الأعياد وفي الاستعراضات، وبعض الأحيان استعملت كأغطية للموائد والجدران، الأمر الذي لم يكن مألوفاً في الشرق الأوسط، ومع مرور الزمن انتشرت في الغرب عادة بسط السجاد على الأرض. بهذا التاريخ تشكل فن نسج البسط في الثقافة الشرقية والعربية في آن، وأخذ هذا الفن حركته في التطور إلى أن صارت له مدارس و فنون، فظهر ما يعرف بمدرسة السجاد الفارسي، والسجاد التركي، والسجاد القوقازي، والسجاد العربي، والسجاد الهندي، وبات لكل منه خصائصه وفنون صناعته على الرغم من أنه يرتبط في أصله بفن الربط العائد إلى الفترة السلجوقية في المنطقة، والتي سبقتها مرحلة الغزل بالصوف. مع ظهور السجاد المشغول بتقنية الربط، انفتح مجال التطور واسعاً، وصار صناعة قائمة بذاتها، فما كان لذلك إلا أن انعكس على الثقافة الإسلامية خصوصاً في الفترات التي شهدت عناية في جماليات الحضارة الإسلامية والتي انتشرت فيها عمليات تزيين المساجد، والزخرفة، والنقش، فظهرت سجادة الصلاة بشكلها الجمالي المزخرف، وصارت علامة إسلامية واضحة، وامتازت بجماليات تبعث على الطمأنينة. وحملت السجادة مميزات عديدة تكشف تاريخها والثقافة الإسلامية التي تنتمي إليها، إذ تنوعت أشكال صناعتها وفق ثقافات البلدان، فاختلفت خامات الصنع، والأصباغ المستخدمة، وأشكال الزخارف، حيث منها ما جاء مصنوعاً من الحرير، أو الصوف، أو القطن، أو بمزيج من الخامات، ومنها ما جاء بزخرفة نباتية كثيفة وبرسوم هندسية إسلامية، ومنها ما جاء بسيطاً في الرسم، ومنها ما جاء معقد. ينكشف هذا في الدراسة المتفردة التي أصدرها مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية (أرسيكا) في تركيا، التابع لمنظمة التعاون الإسلامي تحت عنوان رحلة مع سجادة الصلاة عبر التاريخ، إذ يضم الكتاب صوراً تبين قطع السجاد المحاكة يدوياً من الحرير الطبيعي والصوف والقطن في دول عديدة من دول العالم الإسلامي، التي تختص بهذا الميدان، مثل تركيا، وأذربيجان، وأوزبكستان، وإيران، ومصر، والمغرب، وتونس، والجزائر، وموريتانيا.وعلى الرغم من كل ذلك فإن قوام زخرفة السجادة ظل محراباً كبير الحجم والذي يُميز وسط السجادة على شكل قوس ويُشير إلى القبلة في مكة المكرمة.