أعطت الولايات المتحدة الأميركية المصارف السويسرية مهلة أقصاها 9 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، لتشارك في برنامج أميركي يهدف إلى تسوية النزاعات الضريبية الأميركية - السويسرية. واللافت أن هذه المهلة التي يعتبرها كثيرون في سويسرا إنذاراً غير مباشر وشديد اللهجة، لا يطاول عدداً قليلاً من المصارف السويسرية بل 300 مصرف، صُنّفت في أربع فئات. وتضم الفئة الأولى، وهي الأكثر استهدافاً من مصلحة جباية الضرائب الأميركية المصارف السويسرية الـ14 الأكبر، ما سيؤدي إلى حال توتر ضمن الطبقات السياسية والاقتصادية والمصرفية خوفاً من انتقام أميركي من هذه المصارف قد تكون تداعياته كارثية على الأعمال المصرفية السويسرية التي تتشعب دولياً حتى في الولايات المتحدة. وبداية، أي في الشهور الأخيرة، وافقت المصارف السويسرية على الاتصال بمحامين أميركيين عينتهم السلطات الضريبية، وشركات أميركية مختصة، للقيام بجولة استشارات تمهيدية بهدف حل النزاعات الضريبية، ولكن الأسابيع الأخيرة شهدت منحى نوعياً في هذا الحل، بما أن التقارب المنشود بين المصرفيين السويسريين والخبراء الأميركيين تحول إلى «تباعد» يصعب غض النظر عنه وعن خطورته على مستقبل المصارف السويسرية. وتحولت الاستشارات القانونية بين المصارف المحلية والمحامين الأميركيين إلى عملية «استجواب» يجب وضع حد لها، بينما توسعت حلقة النزاعات لتشمل وزارة العدل الأميركية التي تطالب بإنزال عقوبات، مالية وشخصية، بحق عدد من المصارف السويسرية في حال رفضت الأخيرة تسليم لوائح زبائنها الأميركيين الأغنياء من دون شروط. وعلى صعيد العقوبات المالية، فقد تصل إلى أكثر من 17 بليون دولار، تطاول عدداً من المصارف، ناهيك عن عقوبات تستهدف فروع المصارف السويسرية قد تؤدي إلى إغلاقها، ما سيؤدي إلى خسائر يقدرها خبراء بأكثر من 125 بليون فرنك (136.1 بليون دولار). وأشار محللون في وزارة المال الفيديرالية إلى أن الوزارة تحاول التنسيق مع السلطات الأميركية لتجنب أي تصدع في العلاقات الثنائية. ولفتوا إلى أن مصلحة الجبــاية الأميركية عمدت إلى تقسيم المصارف السويسرية «المتواطئة» في إيداع أموال الأثرياء الأميركيين التي تتجاوز قيمتها 2.3 تريليون فرنك، إلى أربع فئات. وتضم الفئة الأولى 65 مصرفاً هي الأكثر عرضة لعــقوبات أميركية ستطاول فروعها في أميركا، إلى جانب ملاحقة أصحابها وسوقهم إلى العدالة الأميركية بتهمة إخفاء معلومات حـــساسة عن مصلحة جباية الضرائب. أما الفئة الثانية فتضم 100 مصرف سويسري، من بينها مصارف الكانتونية الرسمية، في حين تضم الفئة الثالثة 75 مصرفاً والرابعة أصغر المصارف السويسرية التي لا فروع لها في الولايات المتحدة. وتعجز السلطات التنظيمية المالية السويسرية عن ردع اليد الأميركية التي تريد الحصول على صلاحيات مطلقة مع المصارف السويسرية. وعلى رغم ذلك، تشير توقعات إلى إمكان حصول شراكة بين المصارف السويسرية الكبرى والمتوسطة مع تلك الصغرى لتحويل أموال الأثرياء الأميركيين بسرية تامة إليها. فمهما بلغت درجة العقوبات بحق هذه المصارف الصغرى، فلن تتمكن حكومة واشنــطن من فرض غرامـــات ضـــخمة عليها، لا سيما أن هذه المصارف الصغرى لا تمتلك فروعاً في الولايات المتحدة ولا تهتم كثيراً بإدراج أسهمها في بورصة «وول ستريت».