الدوحة: «الشرق الأوسط» افتتح في العاصمة القطرية أمس «منتدى أميركا والعالم الإسلامي»، في دورته الحادية عشرة، بحضور نخبة من الخبراء والسياسيين والمسؤولين والأكاديميين ورجال الدين والأعمال من الولايات المتحدة والعالم الإسلامي، تحت رعاية أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وفيما دعا رئيس الوزراء القطري الشيخ عبد الله بن ناصر، مجلس الأمن الدولي إلى فرض وقف إطلاق النار في سوريا ووضع حد للنزاع الذي قال إنه يشكل «خطرا حقيقيا» على وحدة سوريا والمنطقة، نوهت السفيرة آن باترسون مساعدة وزير الخارجية الأميركي بمكتب شؤون الشرق الأدنى للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، إلى أن بلادها «تدرك بأنه لا يمكن أن يكون هناك حل دائم للمشاكل التي تواجه المنطقة دون مشاركة وانخراط دول الخليج». واستقبل الشيخ تميم أمس منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والخليج، الدكتور فيليب اتش غوردن والسفيرة «آن دبليو باترسون» على هامش المنتدى. وأكدت باترسون، في كلمتها خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى (حسب وكالة الأنباء القطرية الرسمية) أن الولايات المتحدة لن تدخل في أي حروب أخرى في المنطقة، خاصة وأنها قائد حلف شمال الأطلسي، وتلتزم بالدفاع عن حلفائها، وأنها ما زالت تمتلك أكبر ميزانية دفاعية في العالم. وأضافت: «إن التعاون الدفاعي بين الولايات المتحدة ودول المنطقة أقوى مما كان عليه في السابق وازداد قوة في السنوات الأخيرة»، لافتة إلى أن «الولايات المتحدة ملتزمة بمواصلة تعزيز القدرات العسكرية في المنطقة، وأن المشاركة الاقتصادية والاجتماعية ستكون حجر الأساس في علاقاتنا في الشرق الأوسط». وشددت باترسون على أهمية تحديد الأولويات وكيفية عمل دول المنطقة للحفاظ على الاستقرار، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تسعى لجعل العالم أكثر أمانا من خلال مساعدة الشركاء والحلفاء في الدفاع عن مصالحهم وتعزيز هذه الشراكة. ولفتت إلى أن عددا من دول المنطقة يعمل على تحديث طائراته وتعزيز قدراته العسكرية، إلا أنها قالت «إن كل هذا ليس كافيا والولايات المتحدة تقوم بالدفاع المشترك في المنطقة». وأعربت المسؤولة الأميركية عن أملها في أن تعقد دول المنطقة مؤتمرا دفاعيا يسعى إلى مناقشة السياسة الخاصة بالخروقات الأمنية وتعزيز التعاون الدفاعي من خلال مراكز التعاون الأمني. واستطردت قائلة: «إن دول المنطقة يجب أن تتولى مسؤولية العمليات الدفاعية وتنسيق الجهود والسياسات». وأشارت المسؤولة إلى حديث الرئيس باراك أوباما حول مكافحة العناصر الإرهابية التي تشكل تهديدا للولايات المتحدة ولمصالحها ومصالح حلفائها، والتزام الولايات المتحدة بالعمل مع الدول المختلفة لمكافحة التطرف الذي يتجسد في العراق وسوريا. وقالت: «نستطيع أن نعمل بشكل أكبر لمواجهة الإرهاب الذي يمثله تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام». وذكرت أن استراتيجية مكافحة الإرهاب أحيانا تتطلب استخدام القوة العسكرية لكن يجب طرق السبل الدبلوماسية الأخرى للقضاء على الإرهاب، مؤكدة أنه لا يمكن أن يتحقق الاستقرار في المنطقة ما لم توفر فرص وظائف للعاطلين عن العمل من الشباب وتحقيق طموحاتهم. من جهته، دعا رئيس الوزراء القطري الشيخ عبد الله بن ناصر، مجلس الأمن الدولي إلى فرض وقف إطلاق النار في سوريا ووضع حد للنزاع الذي قال إنه يشكل «خطرا حقيقيا» على وحدة سوريا والمنطقة. وقال الشيخ عبد الله في افتتاح منتدى أميركا والعالم الإسلامي إنه «بات لزاما على المجتمع الدولي، خاصة مجلس الأمن، واجب التحرك العاجل والحاسم بإصدار قرار بوقف إطلاق النار للحفاظ على أمن وحماية الشعب السوري واستقرار المنطقة بأسرها». وعد الشيخ عبد الله «الأزمة»، خطرا حقيقيا على «وحدة سوريا الشقيقة». وشدد رئيس الوزراء القطري على أن الوضع في سوريا «يتطلب تضافر جهود المجتمع الدولي للعمل على وقف إراقة الدماء وتشريد السوريين وتحقيق التطلعات المشروعة للشعب السوري». وقال: «إن العالم يمر، بلا شك، بفترة حاسمة تتطلب اليقظة والحذر لمواجهة التطورات والتحديات العالمية والإقليمية، لا سيما المشكلات المتعلقة بالسلم والأمن والتي تواجهنا في أكثر من منطقة في العالم». ونوه رئيس مجلس الوزراء القطري، في كلمة نشرتها وكالة الأنباء القطرية الرسمية، إلى أهمية تحقيق السلام العربي – الإسرائيلي، باعتباره يمثل إحدى ركائز العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، منبها إلى أن السياسات المتعنتة للحكومة الإسرائيلية عبر الاستمرار والتوسع في عمليات الاستيطان، والمحاولات المتكررة للاعتداء على المسجد الأقصى المبارك، وتقديم الحلول الجزئية التي لا تصلح لتحقيق عملية السلام المنشود، قد أدى كله إلى توقف وفشل مفاوضات السلام التي بذلت خلالها الولايات المتحدة جهودا مقدرة. وأضاف: «إنه يتعين أن لا يحبطنا توقف المفاوضات، بل يتطلب الأمر من المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، مضاعفة الجهود حتى يتحقق السلام وفق تسوية عادلة تستند على المرجعيات التي سبق الاتفاق عليها وفق حل الدولتين الذي تبناه المجتمع الدولي بأسره باعتباره يشكل الحل الوحيد لهذه القضية عبر إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية». وحث المسؤول القطري، على ترسيخ مبدأ الحوار والعدالة، ودعم العمل المشترك، لمواجهة التحديات. وطالب ألا تقتصر العلاقات بين دول العالم الإسلامي والولايات المتحدة، على المصالح المشتركة، «وإنما بإعلاء الشراكة في الإنسانية، والعمل على إزالة التوترات والتناقضات من أجل عالم يسوده الأمن والسلام والاستقرار».