لم يطل الوقت كثيرا على تصريحات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي حول وجود مشكلة في العلاقات بين المملكة ونظامه حتى ترجمها رجال مليشياته على طريقتهم بإطلاق قذائفهم على الأراضي السعودية، ولم يكن توقيت هذه الترجمة بمنفصل عن اتهامات مسؤولين في دول إقليمية أخرى للمملكة بأنها ترعى الإرهاب. المملكة وكعادتها لم ترد على تصريحات غير مسؤولة لرجل يعتبر مسؤولا كبيرا في دولة عربية وجارة؛ بل استوعبت كأخ كبير هذه التصريحات كما دأبت دائما في تحمّل أخطاء الإخوة الصغار. لقد أخرج المالكي العراق من الصف العربي بشكل كامل وتبعه الأسد، ورهنا بلديهما وشعبيهما لمصالح طهران، ضاربين عرض الحائط بكل القيم الوطنية والقومية ومصالح شعبيهما في سبيل مصالحهما الشخصية، واستمرارهما في الحكم على حساب دماء السوريين والعراقيين. أوصل المالكي العراق إلى الحرب الأهلية والطائفية ووضعه على شفا الهاوية، رعى المليشيات والعصابات المنفلتة من أي قيم، وأطلق لها العنان لتكون أداته عندما يريد تنفيذ سياسات خارج القانون ضد أبناء العراق. ودأب رئيس الوزراء على توزيع اتهاماته يَمنة ويَسرة مغذيا الفُرقة بين العراقيين والعرب. جميع العراقيين يعرفون أن القائد العام للقوات المسلحة وضع العراق ومقدراته في خدمة المصالح الإيرانية والحرس الثوري وقادته الذين يرعون التهجير والتطهير الطائفي في محافظات العراق التي باتت تحت هيمنة هذه المليشيات بالإضافة إلى ما ترسله من مسلحيها لقتل السوريين. هدد متعهدو سياسات طهران في سوريا والعراق ولبنان منذ اندلاع الأحداث في سوريا مرارا بزعزعة استقرار المنطقة، وعملاؤهم مافتئوا يعملون على تفجير الأوضاع إن كان في لبنان أو في غيره من المناطق العربية لتصدير أزماتهم والبحث عن حلول لمشكلاتهم خارج بلدانهم. قد تكون هذه المرة الأولى التي تتجرأ هذه العصابات المنفلتة على استهداف المملكة، وعلى حاكم العراق أن يعرف حدود المسموح والممنوع جيدا، ويجب أن يدرك قادة العراق الآخرون أن المالكي بدأ لعبة خطرة وتجاوز الأعراف والقوانين، وعليهم أن يقفوا موقفا وطنيا وقوميا ليس تجاه المملكة بل تجاه العراق قبل كل شيء، لأن تجاهل هذه الممارسات سيكون له انعكاسات خطيرة على مستقبل العراق والمنطقة.