إن الدعم الحكومي لأي سلعة او خدمة مثل الوقود لا يصب في صالح اصحاب الدخول المتدنية، بل ان المستفيد الأكبر هم أصحاب الدخول المرتفعة الذين يملكون اكثر من مركبة ويقودونها باستمرار. أما أصحاب الدخول المتدنية فقد لا يملكون مركبات أو انهم يقودونها على مسافة أقل عند ذهابهم إلى أعمالهم أو عند الضرورة. كما ان فائدة دعم الوقود تتشكل في الأجل القصير وبعده فترة معينة تصبح لا فائدة منها لأنها تسهم في تحفيز السائق على زيادة استهلاكه من الوقود والقيادة بصفة متكررة، مما يترتب عليه ارتفاع تكلفة الرحله اكثر مما لو لم يكن هناك دعم للوقود. أما على المستوى الاقتصادي الجزئي فإن الدعم يحفز المنشآت على عدم كفاءة الإنتاج والتقاعس عن توظيف الموارد الاقتصادية والبشرية أفضل توظيف، مما يحد من ارباحها كما توضحه القوائم لبعض الشركات المساهمة بان نسبة الدعم تعادل ربحيتها أو انه السبب الرئيس لاستمرارها. إذ الدعم (المنفعة المجانية) ينتج عنه ضعف في الإنتاجية الاقتصادية وعدم قدرة الشركات المحلية على المنافسة عالميا، مما ينعكس سلبياً على جودة المنتج او الخدمة مع ارتفاع سعرها. فبهذا يكون أكبر الخاسرين هما الاقتصاد والمستهلك فلا تنويع للاقتصاد ولا توظيف ولا اسعار تتناغم مع تغير الأسعار العالمية. بينما على مستوى الاقتصاد الكلي، تتكبد الدولة خسارة تقدر بأكثر من 380 مليار ريال سنويا من دعم الطاقة بما في ذلك استهلاك 4.8 ملايين برميل مكافئ من النفط بناء على التباين بين الأسعار المحلية والعالمية. وهذا يؤثر سلبيا على السياسات العامة والإنفاق على مشروعات البنية التحتية وتقديم المزيد من الخدمات للمواطنين مع تزايد عدد السكان، مما يحد من معدل النمو الاقتصادي ويقلل من فرص التوظيف. هكذا يصبح دعم الوقود كالسوسة التي تنخر في جسد الاقتصاد ويجب مكافحتها من خلال تحرير اسعار الوقود. اذ ان الدعم يؤدي الى زيادة استهلاكنا من الوقود يوميا وبنسبه تتجاوز 7% سنويا بدلا من وقف هذا الهدر والاستفادة منه في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. أما على مستوى البيئة فحرق المركبات للوقود داخل مدننا يؤدي الى اطلاق ثاني اكسيد الكربون الذي له تأثير جانبي Externality، حيث يتحمل طرفا ما التكلفة بدون اختياره مثل تلوث الهواء والإصابة ببعض الأمراض كالربو واللكيميا مع ارتفاع معدلاتها في السنوات الأخيرة. هكذا يتحول دعم الوقود من منفعة في بداية الأمر إلى خطر يهدد حياة المواطن، حيث تشير بعض الاحصاءات الدولية الى ان مدننا الرئيسة تحتل مراكز متقدمة في تلوثها بين مدن العالم. كما ان رخص أسعار الوقود ادى الى زيادة الازدحام المروري على الطرق الرئيسة وطول فترة الانتظار لترتفع تكلفة كل رحلة بأكثر من الدعم وعامل اساسي لزيادة تلوث البيئة. انه بالإمكان تخفيف اثر رفع دعم الوقود على الشركات برفعه تدريجيا، حيث ترتفع الاسعار في اول عام الى ما كانت عليه قبل عام 2005م ثم يستمر الرفع على مدى 5 سنوات حتى يوازي الاسعار العالمية. وكذلك بالنسبة للغاز الذي يباع بسعر (75 سنتا) لكل مليون وحدة حرارية بفارق يتجاوز اكثر من دولارين مقارنة بالأسعار العالمية. أما بالنسبة للمستهلك السعودي فيتم من خلال عملية الاسترداد (Refund) بنسبة من قيمة الدعم على ثلاث فئات: كمية الوقود المستهلكه بقيمة اقل أو تعادل 100 ريال أو 101-200 ريال أو 201- 300 ريال شهريا وبنسب استرداد 100%، 50%، 25% على التوالي لمدة 5 سنوات، حيث يستطيع المستهلك في نهاية العام بتعبئة نموذج استرداد قيمة الدعم بإرفاق نسخة منه مع فواتير الاستهلاك المطبوعة وصورة من رخصة قيادته (مركبه واحدة فقط) من أجل استرداد ما يستحقه. وبهذا يتم دعم المستهلك الأقل دخلاً وتحفيزه على ترشيد استهلاكه في اتجاه تحرير الأسعار كاملاً.