هذه قصة معاناة بناتنا في بيع التجزئة في القطاع الخاص، ومجلد تجربتي يضم تجارب وعواطف وأفراحًا وأتراحًا من تلك المعاناة.. قصصهن التي تحاصرني.. فيها الكثير من الحزن وقلة الحيلة، أعيشها كلما قابلت إحداهن، بعضهن يحمل انكسار الطموح، وينتشر التعب الكثيف في جسدهن مهما أرسلنا لهن رسائل تحفيزية لتخفيف ذلك الإحباط المفتوح. في أحد الأيام مررتُ بفاطمة التي تعمل في محل للملابس النسائية، وجدتها مهزوزة ضعيفة، كانت تطوي الملابس في المحل الذي تعمل فيه، وتعيد فتحها وتطويها مرة أخرى.. التفتت إليَّ، وبصوت تشوبه نبرة حزن سألتني بعيون دامعة وهي تلملم انكسارها: دوام مسائي متأخر إلى الحادية عشرة ليلًا، إلى متى يظل نظام الأسواق في بلادي حتى منتصف الليل؟! كنت أراقبها وهي تسرد معاناة أوقات الأسواق وعودتها إلى بيتها متأخرة، حديثها كالطير المكسور الجناح.. تتابع حديثها: أليس هناك أمل في تغيير أوقات الأسواق؟! وبطريقةٍ بلهاء هززتُ رأسي بالنفي، وليتني لم أفعل!! لاحظت صمتًا فظيعًا يتكسّر على بياض عينيها الدامعتين.. نَظَرَت إليَّ بحسرة وعتاب، كأن غمامًا فوق عينيها، وضبابًا كثيفًا يكسو وجهها.. كرهتُ نفسي وهي تسألني، حيث قالت لي بصوت خفيض وبائس: هذا ما كان يغضبني منكم يا معشر الكُتّاب، كلما أقرأ عن تمكين المرأة من العمل في المحلات النسائية.. يصيبني الخوف من تعثّرات التطبيق. تابعت حديثها قائلة: الواقع إن دعائم الحياة لا تقوم على "المانشتات الصحفية"، وتصاريح بعض المسؤولين في تغيير أوقات الأسواق فحسب!! ثم أكملت: أن تذهب البائعة لبيتها بعد الحادية عشرة ليلًا، بعد أن ينام أولادها، وتُقابل بنظرة عتاب من أهلها لغيابها المسائي، إحساس مرهق أن تعود إلى دار لا تجد فيه بقايا اليوم، وهي قصة أعيشها يوميًا. لقد علّمتني فاطمة أن الإنسان فعلًا لا يُهزم في حياته؛ إلا عندما يفقد آمال التغيير. A.natto@myi2i.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (77) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain