ياسين بودهان-الجزائر أحيت أمس الجزائر الذكرى الخامسة لوفاة الطاهر وطار مؤسس الرواية الجزائرية المكتوبة بالعربية، وهي المناسبة التي اغتنمتها عائلة الأديب لمطالبة وزارة الثقافة بتكريم يليق بصاحب رواية اللاز وتأسيس جائزة أدبية تحمل اسمه. وفي إطار تخليد ذكراه، أحيت أمس جمعية نوافذ الثقافية الذكرى الخامسة لوفاة وطار بإقامة عدة أنشطة، أهمها وقفة ترحم على قبره بحضور أصدقائه، إلى جانب عرض فيلم يروي مسيرته تحت عنوان آخر الكلام من إخراج محمد الزاوي. ويعد وطار (1936-2012) رقما مهما في المشهد الأدبي الجزائري والعربي والعالمي، حيث لقب بـرائد الرواية الجزائرية المكتوبة بالعربية، وكان ماركسيا مدافعا عن الفكر اليساري في بلاده. أسس وطار جمعية الجاحظية التي تحولت إلى منبر للمثقفين في زمن القحط الفكري خلال تسعينيات القرن العشرين، وذلك إبان فترة العنف المسلح في الجزائر. وكان يعد من الأقلام المنتقدة لواقعها الاجتماعي والسياسي، وتجسد ذلك في رواية اللاز (1974) التي انتقد فيها الثورة الجزائرية من الداخل، كما انتقد اغتيال المثقفين، لا سيما اليساريين منهم. ترك إرثا أدبيا زاخرا، وترجمت نصوصه الأدبية إلى أكثر من عشر لغات عالمية، ومن أبرز رواياته: الزلزال، الحوات والقصر، العشق والموت في الزمن الحراشي، عرس بغل، الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي. كما نال العديد من الجوائز والأوسمة في الجزائر وخارجها. قلم ثائر ويصف الروائي والناقد الجزائري عز الدين جلاوجي الطاهر وطار بأنه أمير الرواية الجزائرية دون منازع، وأنه أحد أكبر أمراء الرواية العربية والعالمية. ويبين جلاوجي للجزيرة نت أن كتاباته كانت تمتاز بالتجدد، حيث خاض تجارب مختلفة، فبدأ واقعيا اشتراكيا في أعماله رمانة واللاز والزلزال، ثم تحول إلى رمزي يعتمد الإيحاء والتكثيف ومساءلة الموروث في شمعة ودهاليز، وانتهى صوفيا في الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي، حيث يرفع الولي الطاهر يديه بالدعاء، عائدا بذلك إلى منبع الطفولة الأول الذي انطلق منه في الكتّاب بقريته. ويعتقد جلاوجي أن لدى وطار موقفا وانتماء، وأنه كان مثقفا عضويا يكتب انتصارا لقناعته المدافعة عن كرامة الإنسان وقيمه، وأنه لم يلهث خلف السلطة بل ظل وفيا للخط الكبير الذي آمن به، بحسب قوله. ومن جانبه، يعتقد الشاعر والروائي علاوة كوسة أن وطار كان أحد الذين تميزوا أدبا وكتابة، وبرؤى نقدية مثيرة للجدل. ويلفت إلى أن كتاباته تعددت قضاياها ومواضيعها، وتوزعت بين الواقع اليومي المعاش إلى لمسات من واقعية اشتراكية كانت تؤدلج بعض أعماله، حين يستحضر الوطن والأمة والقومية، وحين يفتح النقاش واسعا في قضايا مثيرة كالهوية والمواطنة واللغة. وبحسب كوسة، فإن وطار كان محبا للأدباء الشباب ومشجعا لهم، فلم يكن إقصائيا، ولا محتكرا للرأي. أمانة الجاحظية واغتنمت عائلة الفقيد المناسبة لتكسر جدار الصمت وتطالب برد الاعتبار لرجل تقول إنه قدم الكثير للمشهد الأدبي الجزائري، من خلال مراسلتها وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، ومطالبته بتكريم يليق بالأديب الفقيد باعتباره إرثا جماعيا. وطالب الروائي والإعلامي رياض وطار ابن شقيق الطاهر وطار في الرسالة، بتأسيس جائزة أدبية تحمل اسمه، بحيث تخصص لدعم وتشجيع الروائيين الشباب، كما طالب بتسمية إحدى المرافق الثقافية المهمة باسمه. ويعتقد رياض -وهو رئيس جمعية نوافذ الثقافية- أن هذا أقل ما يمكن للدولة الجزائرية أن تقدمه لروائي أفنى عمره وصحته وماله في خدمة الأدب الجزائري خاصة، والثقافة عامة، باعتباره سفيرا لها عبر مختلف بقاع العالم. وتأسف وطار في رسالته على ما آلت إليه جمعية الجاحظية، معتبرا أن وطار يتقلب في قبره ألما وحسرة جراء ما وقع لهذه الجمعية التي أسسها وأفنى عمره وصحته عليها. ويوجه رياض نداء إلى ميهوبي وأصدقاء الطاهر مطالبا بإنقاذ الجمعية، لأنها -بحسب حديثه- أمانة تركها الطاهر وطار للجزائر كإرث ثقافي له صيته في مختلف بقاع العالم العربي.