×
محافظة المنطقة الشرقية

سوق هجر ينتظر دعم السياحة والتوأمة مع عكاظ

صورة الخبر

من الملاحظ أن دفعة (٢٠١٥) من السياح الخليجيين في أوروبا قد أتت بما لم تأتِ به الدفعات الأوليات! فقد ألفنا وألف الأوروبيون أولئك التافهين الذين يستعرضون بسياراتهم الفخمة، بلوحات بلدانهم، ويقفون في أماكن تخالف المرور حتى يشاهدها المواطنون الأوروبيون وغيرهم. كما ألف الناس بذخهم في الأماكن العامة والأسواق، واستعراضهم بساعاتهم ومجوهراتهم وماركات ملابسهم. بيد أن دفعة هذا العام، بدلاً من «يا غريب كن أديباً»، بلغت من الجسارة والفوضى والتفاهة ما فاق كل ما هو صادم لشعوب أوروبا، وكل ما يرسِّخ الصورة النمطية السيئة القديمة عنا في أذهانهم. فمثلاً في إحدى البلدان التي تخصص معابر للبط على طرقها لتعبرها مع صيصانها، نرى بعضنا يقوم بمسكها وذبحها وأكلها. إنها مسألة ثقافة وفارق حضاري شاسع. وفي بلد شكسبير، وديكنز، ورسل، وتشيرشل؛ نرى فوضاهم وتخلفهم. وفي أرض هوجو، ولامارتين، وكامو؛ نراهم يدخنون «معسّلاتهم» تحت البرج المشهور. وفي سازبورج التي ولد فيها عبقري الموسيقى موزارت الذي أبدع السيمفونيات الكثيرة، والمقطوعات الرائعة، والأوبراوات العظيمة، كأوبرا «زواج فيقارو» أو أوبرا «دون جيوفاني» وغيرها، ومات عن خمسة وثلاثين عاماً. فيها وفي فيينا التي سمعت الأعمال الموسيقية الرائعة لموزارت، وبيتهوفن، وشتراوس، وغيرهم، وأُرّخ سحرها ونهرها «الدانوب الأزرق» موسيقياً؛ ثار السكان ضد سلوكيات الخليجيين من فوضى ووساخة وضجيج. من قبل كنا نُعجب بتلك الموسيقى الراقية وندمجها في موسيقانا كما فعل «الرحبانيان» بتركيب كلمات أغنية فيروز «يا أنا يا أنا» على موسيقى افتتاحية السيمفونية الأربعين لموزارت، وكما فعل عبد الوهاب في أغنية «أحب عيشة الحرية» بوضع افتتاحية السيمفونية الخامسة لبيتهوفين في مقدمتها. ومنذ ١٤٤ عاماً شهدت دار الأوبرا بالقاهرة أوبرا «عايدة» للموسيقار الإيطالي فيردي. وقد عُرض منها في هذا الشهر «مشهد النصر» في احتفال افتتاح ازدواج قناة السويس. ويخطئ كثيرون في أن أوبرا «عايدة» قد كتبت لمناسبة افتتاح قناة السويس في عام ١٨٦٩م، والحقيقة أن الخديوي اسماعيل كلف فيردي لكتابتها من أجل افتتاح دار الأوبرا بالقاهرة في عام ١٨٧٠م، ولكنها لم تعرض لعدم وصول ملابس الممثلين من باريس التي كانت محاصرة حينها. ثم عرضت أول مرة في القاهرة في عام ١٨٧١م. أما اليوم فثقافتنا هي جهلنا، وسلوكنا هو استهلاكنا، وحضارتنا اليوم لا تليق بمن أهدوا سابقاً نور العلم والرقيّ للإنسانية كلها. m.mashat@gmail.com