ونحن على مشارف عام دراسي جديد استوقفتني تغريدة تويترية لأستاذنا القدير نجيب الزامل يقول فيها: (يزوغ الفتيان عندما يتلقون العلم الخطأ من المعلمين الخطأ.. في المرحلة الصحيحة للتعلم). والحق إنها تغريدة موجزة بيد أنها جامعة مانعة وينطبق عليها (خير الكلام ما قل ودل)، وحين تأملت العبارة وجدتها تركز على جوانب أربعة بالغة الأهمية: أولها الفتى حين يزوغ، وثانيها تلقي العلم الخطأ، وثالثها المعلم الخطأ، ورابعها المرحلة الصحيحة للتعلم. وعندما يزوغ الفتيان فهو نتيجة بلا شك لعدة مؤثرات، وهذا الانحراف الذي يحصل من بعض هذه الفئة من فتياننا الذين يعتبرون الأكثر عدداً في تركيبتنا السكانية وهم الذين يمثلون أجيال المستقبل والطاقة الوثابة لأي مجتمع فهنا لا شك أن هناك خللا ما لا بد من التنبه له وتداركه، ذلك أن تعطل جزء من هذه السواعد الفتية سيؤثر حتماً عليهم وعلينا، وربما تأثر بهم الفتية الآخرون وبالتالي أحدث ذلك تهشماً في بعض مدارج الرقي والتقدم في مجتمعنا ذلك التهشم الذي يحتاج إلى وقت وجهد لترميمه وتقويمه لمواصلة المسار في وقت تسابق فيه المجتمعات الأخرى الزمن في التطور والنماء. ولا شك أن من أسباب انحراف فئة من الفتيان أن عقولهم الصافية وقلوبهم الغضة مهيأة لتلقي العلم كالتربة الخصبة التي تنتظر البذور والمطر كي تهتز وتربو وتنبت من كل زوج بهيج، لكن ماذا لو أن هذه العقول والقلوب بذرت فيها بذور الشر وغرست في أرضها نباتات الشيطان؟ لا شك أن الثمرة ستكون قنابل موقوتة مدمرة، وإن من أكبر الإشكالات– كما لا يخفى- أن يعشش العلم الخطأ في بعض العقول ثم أن يظن أولئك رغم خطئهم أنهم على صواب وأن غيرهم ليس مخطئاً فحسب بل مبتدعا أو كافرا مرتدا ومن هذا الفهم السقيم يحدث الغلو والتطرف وردود الأفعال الإجرامية الكارثية. وحين يتلقى العلم الخطأ من المعلم الخطأ فنحن أمام معضلة خطيرة جداً فذلك المعلم وليس المعلم المقصود هنا معلم المدرسة أو أستاذ الجامعة بل إن كل من تصدر للتعليم وأصبح له مريدون ومؤيدون هو معلم ولذا حين يتصدر أولئك الجهال فيؤلفون ويفتون ويحاضرون ويعلمون وبضاعتهم من العلم قليلة أو معدومة عدا خلوهم من الخلق والورع والتقى والزهد فأي نتيجة ترتجى من هؤلاء؟ وأي علم سينقلونه أو سيقولونه أو يكتبونه؟ ولنا أن نتخيل كيف ستكون عقول بعض فتياننا وشبابنا حين يصب هؤلاء المعلمون المخطئون سمومهم القاتلة في تلك الأذهان الصافية والأوعية النقية؟. وبالتأكيد فهي أذهان صافية وأوعية نقية إذ إنها في هذه الفترة تكون في المرحلة الصحيحة للتعلم وكما تثبت النظريات التربوية والأدبيات التعليمية أن هناك مرحلة عمرية وفترة سنية يكون فيها المتعلم أكثر استعداداً للتعلم وقبولاً للتعليم وهذه المرحلة التي يجب أن تركز فيها الجهود وتبذل فيها الأوقات والأموال للاستثمار في الإنسان الذي هو في الحقيقة الاستثمار الأمثل. وحذار أن يختطف أبناؤنا وبناتنا من بين أيدينا في هذه المرحلة المهمة ليتم استغلالهم أسوأ استغلال وهنا يأتي دور الرعاية والمتابعة والاهتمام من الجميع بلا استثناء. لا بد من إعادة بعض عربات القطار إلى السكة ليثبت الأبناء ويسيروا على المسار الصحيح والطريق القويم فلا يزوغون وذلك بتلقي العلم الصحيح من المعلم الصحيح في المرحلة الصحيحة للتعلم وهنا تكمن كلمة السر.