لن أتحدث عما يجري في مصر، فكثيرون تناولوا هذا الموضوع من مختلف الزوايا وعبروا عن كل وجهات النظر، ولكنني أراقب ما يجري وأحاول أن أستلهم منه الدروس والعبر وأستخلص النتائج حول الديمقراطية ومعانيها وأبعادها، وليس بعيداً مما يحدث في مصر ما جرى في تركيا وفي البرازيل وفي العراق، بل وحتى في الانقلاب الفاشل الذي حاول البعض تنفيذه في الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة. من هذه الدروس أن الديمقراطية ليست مجرد أرقام تحسب أعداد الأغلبية وأعداد الأقلية وترجح هذا على ذاك وينتهي الأمر، فالديمقراطية وإن كانت هي حكم الأغلبية إلى أنها أيضا لا تستقيم ما لم تحافظ على حقوق الأقلية، وهي أيضاً لا تستقيم ما لم تلتزم بقوانين اللعبة وإجراءاتها، وفي بلاد ومجتمعات تتميز بالتعدد القومي أو الطائفي أو حتى الفكري فإن الديمقراطية لا تستوي بدون مد الأيدي وبناء الجسور بين الفئات المختلفة والعمل على تحقيق الشراكة الحقيقية بعيداً عن الاستئثار والإقصاء.. واذا استشهد البعض بالديمقراطيات الغربية حيث يسيطر الحزب الحاكم على مسيرة العمل السياسي ويعتبر أن لديه تفويضا بتنفيذ برنامجه الفكري فإننا نقول إن هذه البلاد قد عاشت أجيالاً من الديمقراطية أدت إلى ترسخ مفاهيمها، كما أنها عايشت دورات عديدة من تداول السلطة أدت إلى استتباب الثقة والطمأنينة ألا شيء في ما ينفذه الحاكم ثابت على الدوام إلا بمقدار ما يقبل به المواطنون، كما أن هذه المجتمعات لديها مؤسسات متعددة للعمل السياسي تعمل على توازن السلطات ووضع الضوابط والتوازنات فلا تستأثر بالسلطة جهة وحيدة دون سواها، وأخيرا فإن في هذه المجتمعات إعلاماً حراً مهنياً مفتوحاً يسعى إلى أن يمثل فعلا سلطة رابعة ذات دور حيوي في تنوير المجتمع وكشف الممارسات الإيجابية والسلبية في السلطة. الديمقراطية ثقافة.. تحتضن الأقليات، وتحترم القوانين، وتستند على التوازن، وتستنكر الإقصاء، وترتكز على الدور المتوازن للمؤسسات.. والديمقراطية رؤية، تعبر عن الخطوط العريضة التي تنبثق عن توافق وطني عريض يتجاوز مفهوم الأغلبية والأقلية.. فإذا تحقق كل ذلك جاءت الأرقام كوسيلة إحصائية تنفيذية وليست قناة حصرية تختزل فيها الديمقراطية. فاكس : 02/6901502 afcar2005@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (19) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain