تعتبر الإدانات الإسرائيلية الأخيرة لجريمة حرق الرضيع الفلسطيني لافتة للنظر، غير أنها جوفاء وبلا معنى. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استنكر الحرق المتعمد الذي أقدمت عليه مجموعة من المستوطنين في الضفة الغربية بحق عائلة الدوابشة، حيث أحرقوا الرضيع علي سعيد ذا الثمانية عشر شهراً حتى الموت، وأضاف نتنياهو أن ذلك نوع من أعمال الإرهاب في كل الجوانب. وانضم إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، زعيم حزب البيت اليهودي القومي المتطرف، الذي يقارب أن يكون الجناح السياسي لحركة الاستيطان. ووصف بينيت عملية الاغتيال بأنها عمل إرهابي شنيع. وأدان وزير الحرب الإسرائيلي والجيش هذه الجريمة النكراء. تنديد مفرغ من المضمون الجيد في الأمر هو أنه لم يكن هناك طرح للمحاذير أو التحفظات ولا محاولات تقديم أعذار لتبرير أمور لا تغتفر، ومع كل ذلك يبدو ما طرح أجوف وبلا معنى. ويقول مسؤولون إن الرضيع وأباه وأمه وأخاه قتلوا جميعاً، وجرح أخوه في عملية إحراق المنزل، الذي كتب عليه المستوطنون عبارات عنصرية. وتبدو الكلمات مفرغة من مضمونها، ويرجع ذلك في جانب منه إلى أنه بينما يعتبر هذا العمل قاسياً جداً، فإنه ليس بجديد. وبحسب منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية فإن من الواضح أن الرجال المقنعين الذين أقدموا على إحراق المنزل قاموا بعمل استثنائي من حيث عواقبه فقط. وقال حجاي شرم ، مدير منظمة بتسيلم: عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين جزء من الروتين اليومي للاحتلال. وتعد هذه الهجمة الثامنة من نوعها التي أقدم عليها المستوطنون منذ عام 2012. واقترف هؤلاء عشرات الهجمات على العقارات والمساجد والأراضي الزراعية والمشاريع. وفي معظم الحالات لم يتم العثور على مرتكبي الجريمة، وعلى الرغم من وجود أقوى أنواع الاستخبارات في المنطقة ،إلا أن هناك ثقافة تقدم الحصانة للمستوطنين على الرغم من أفعالهم. ويعتبر الحريق القاتل المتعمد نوعاً من أعمال الثأر، التي تأتي على خلفية إقرار المحكمة إزالة مبنيين من مباني مستوطنة بيت ايل في الضفة الغربية. وكانت تلك المباني فارغة وغير مكتملة، وقضت المحكمة العليا في إسرائيل بأن هذه المستوطنات غير قانونية، وعليه أمرت الجيش بإزالتها. وثار المستوطنون على القرار، وتظاهروا بعنف ضد الجنود والشرطة الذين وجدوا في المكان لتطبيق القرار. التدخل في المستوطنات نتنياهو نفسه ليس أفضل حالاً، ومن غير الضروري استعادة تنصله من إقامة دولة فلسطينية مستقلة وتطبيق حل الدولتين عشية انتخابات مارس الماضي، فضلاً عن قوله إن العرب يتدفقون إلى الانتخابات بأعداد كبيرة جداً. وبالنظر إلى ردة فعله في الأيام الأخيرة فقط، أعلن نتنياهو بخصوص التظاهرات في بيت ايل أنه عازم على بناء 300 وحدة استيطان و 504 وحدات أخرى شرقي القدس. وبكلمات أخرى فإنه لم يوبخ المستوطنين على فعلتهم، بل كافأهم عليها. وكمثال آخر على الطائفية، أقدم متطرف يهودي في مسيرة القدس الكبرى على طعن الجماهير في المسيرة عشوائياً، مما أدى إلى جرح ستة أشخاص، أحدهم إصابته بالغة. ومن المؤكد أن كل هجوم مثل الهجوم الأخير على عائلة الدوابشة يبين أن أدنى الأفعال بحق المستوطنات أمر له ثمنه، كما يرسخ فكرة أن المساومة بشأن الأراضي أمر مستحيل، وأن إخلاء المستوطنات سيفضي إلى حرب أهلية. الشعارات التي كتبت على جدران منزل الدوابشة ومنها الانتقام كانت أحد الأدلة على الجريمة. وترجع هذه الشعارات إلى أولئك الذين ينكرون تأسيس مؤسسات علمانية مطالبين بإنشاء مملكة اليهود وبالنسبة لهم فإن نتنياهو يعد خائناً ومرتداً. وبينما يقام عزاء عائلة الدوابشة، ويواجه المواطنون دورة أخرى من الأعمال التصعيدية والانتقامية، فإن من المجدي تذكر أن هذا الصراع ينطوي على العداء المتراكم على العداء والحقد على الحقد داخل الطائفة الواحدة أو بين عدد من الطوائف مما يصعب إيجاد حلول لها يوماً بعد يوم.