يبدو أن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، كانت لديه، آمال عريضة، لزيادة استثمارات بلاده في القارة السمراء، خلال جولته الأخيرة إلى شرق إفريقيا، التي تشهد نمواً سريعاً في عجلة الاقتصاد. ولكن ربما تكون تلك الجولة مخيّبة للآمال، خصوصاً أن بعض الشركات الأجنبية، التي تعوّل عليها الطبقة الوسطى، قامت بإنهاء أعمالها في القارة التي أصبحت غير جاذبة لتلبية طموحات الشركات الأمريكية، فضلاً عن أنها لم تعد حيوية لتحقيق تطلعاتها، ومن تلك الشركات، على سبيل المثال، شركة نستلة السويسرية للمواد الغذائية، التي أغلقت مكاتبها وقامت بتسريح موظفيها مؤخراً. وهذا ما يؤكد الفكرة القائلة بأن القارة الإفريقية لم تعد تمثل فردوساً لمندوبي مبيعات شركات المنتجات الاستهلاكية. فعندما تنهض المناطق الفقيرة، فهي توفر فرص زيادة إنتاج أكثر ما توفر فرصاً لتسويق المنتجات الاستهلاكية. وقد لا يكون من الضروري شطب الفرص الكبرى للشركات العالمية. فالمشكلة هي أن إفريقيا لا تفتقر إلى وجود طبقة وسطى، بقدر ما تفتقر إلى وجود طبقة قائدة تتولى تنظيم النشاط. فالمؤسّسات هي روافد الإنتاجية، خاصة الشركات التي توفر فرص عمل للمواطنين لتحقيق المكاسب والإنتاجية العالية، إلا أن القارة السمراء تفتقر إلى هذه المنظمات وتحتج القارة الى ما يلي: أولاً: إن القارة السمراء تحتاج لإبرام صفقات مع شركات القطاع الخاص، التي تحقق الفائدة الأكبر، فضلاً عن دعم وتمويل القطاع الحكومي الذي فشل في تحقيق ذلك، والأكثر تناسباً مع ذلك، ما تقوم به بريطانيا حالياً من تمويل مشاريع عبر دعمها لمؤسسة التنمية المجتمعية، بمبلغ 735 مليون يورو. ثانياً: ترتكز البنية التحتية، في نهجها تجاه التطوير في إفريقيا على المدن الرئيسية. وحسب التنبؤات الإحصائية، فإن الكثافة السكانية وسط الحضر، سوف تزداد في القارة إلى مقدار الثلث بحلول عام 2050. إلا أن مشاريع البنى التحتية في إفريقيا أهملت، لدرجة أن الزحام المروري بات عقبة في التواصل بين الشركات والعملاء. وهذا سوف يتغير، وعلى سبيل المثال، في لاغوس، أكثر المدن النيجيرية اكتظاظاً بالسكان، تمّ تحسين بنيتها التحتية بصورة كبيرة، في الطرق، في ظل النظام الحاكم، ما يعزز من موقفها في أن تصبح العاصمة الاقتصادية، لدول غرب إفريقيا. وكذلك تعمل الحكومة الإثيوبية على تبديد الكثافة السكانية، بما يتناسب مع ظروف العيش الحسن، عبر بناء مجمّعات سكنية، بالاستفادة من القطاع الخاص، بتكلفة 10 آلاف يورو لكل مجمّع. ثالثاً: إن الشركات ذات الكفاءة العالية، تمكن المواطنين من اقتحام الأسواق كما تفعل الصين، حيث إنها توفر الكثير من فرص العمل لمواطني القارة. ✽أستاذ الاقتصاد والسياسة بجامعة أوكسفور